تسلّم رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان)، 26 يوليو، تقرير لجنة التحقيق البرلمانية المكلفة بالتدقيق في إدارة محمد ولد عبد العزيز خلال فترتي ولايته، وقد قرر البرلمان إحالة التقرير إلى القضاء بعد ذلك بثلاثة أيام.
قرار برلماني من مادة واحدة: "تُحال ملفات التحقيق التي لا تشمل ما قد يدخل في اختصاص محكمة العدل العليا إلى وزير العدال لاتخاذ الإجراءات اللازمة أمام القضاء المختص. يأتي هذا القرار بعد نشر تقرير لجنة التحقيق البرلمانية التي تم التصويت على إنشائها في 30 يناير للتدقيق في السنوات العشر من حكم محمد ولد عبد العزيز (2009-2019).
اكتشافات مثيرة
كانت مهمة اللجنة هي التحقيق في عشرة ملفات مشبوهة بالإضافة إلى التنازل المزعوم لأمير قطر عن جزيرة في حوض آرغين وكذلك عن شبهات فساد. وكان ما كشفت عنه اللجنة مثيرا في بلد غير معتاد على الشفافية والتواصل.
على رأس القضايا المستهدفة، محطة الحاويات في ميناء نواكشوط التي أسندت إلى شركة آرايز: مع المزايا الضريبية التي تضر بموريتانيا والحرية الجمركية غير المنضبطة والمسار الإداري "المعجّل وغير المتقن". وقد توصّلت اللجنة لقناعة بأن هذه "الظروف الاستثنائية تخلق شكوكا جدية حول ملائمة اختيار هذا المشروع وحجم عائداته المالية على الدولة".
هيئة اسنيم أُجبرت على شراء القمح الفاسد
التحقيق شمل الهيئة الخيرية التابعة للشركة الوطنية للصناعة والمناجم (اسنيم) التي تقوم بأعمال خيرية لصالح المجتمع ولكنها لم تتوقف عند بناء المستشفيات والمدارس والمساجد في المناطق المحرومة ولكن، في انتهاك لنظامها الأساسي، اضطرت لشراء كمية من القمح - الفاسد أيضا- بناء على أوامر عليا وكذلك تثبيت نظام مراقبة في القصر الرئاسي.
الصيد في مناطق محظورة
لم يتم احترام العقد الموقع مع شركة بولي هوندونغ الصينية في عام 2010 لبناء مصنع للمنتجات السمكية سواء من حيث الوظائف أو من حيث الطاقة الإنتاجية. في المقابل ، استطاعت الشركة تجاوز كمية الصيد المسموح بها وفي المناطق المحظورة. لقد أخذ الرئيس ولد عبد العزيز على عاتقه أن يحسم هذا الخلاف شخصياً دون أن نعرف كيف.
50 ألف متر مربع من الأراضي تم بيعها في المزاد بأدنى من سعرها
لم يخضع بناء مطار نواكشوط الجديد، حسب التقرير، للقواعد المعمول بها في الصفقات العامة. كما تم بيع 48630 مترا مربعا من الممتلكات العامة (المدارس والمباني الإدارية والملعب الأولمبي وأكاديمية الشرطة) في نواكشوط بطريقة "غير مسبوقة" بالمزاد العلني بسعر أقل من قيمتها وبحيث لا نعرف من هم المشترون الحقيقيون لهذه الممتلكات العامة.
كتب المقررون: "الملك العام للدولة كان هدفاً للتبديد المنظم من خلال بيعه للأفراد بأسعار مضحكة دون مراعاة الحاجة الحقيقية لمثل هذه العملية".
لقد كان تسيير الصندوق الوطني لإيرادات المحروقات كارثية. يهدف الصندوق إلى جمع جميع إيرادات الدولة في هذا القطاع، ولم يتمكن هذا الصندوق من وضع سياسة استثمارية وعانى من عجز لعدة مرات في انتهاك لسياسته.
إفلاس سونمكس
فشلت إدارة شركة سونمكس، المسؤولة أصلاً عن استيراد الضروريات الأساسية (الأرز والسكر والشاي) وتصدير الصمغ العربي، فشلا ذريعا. فبسبب غياب محاسبة تحليلية ولم تكن قادرة على إدارة مخزونها، وعمليات التسليم الوهمية والاحتيال المتكرر، أفسلت هذه الشركة العامة في يناير 2019 وكانت "ضحية مؤامرة من عدة أطراف ساهمت في إضعافها والإجهاز عليها"، بحسب التقرير.
عهدت صوملك بإضاءة الشوارع بالطاقة الشمسية في العاصمة لشركة جوسولار الصينية بينما كانت شركة آندال الإسبانية الأفضل. كان هناك انتهاك لمدونة الصفقات العامة وضعف جودة أعمدة الإنارة التي تضيء الطريق إلى مطار أم التونسي في نواكشوط كما تم التسديد للشركة بسرعة غير اعتيادية.
كما أدت صفقة محطة الورف للطاقة إلى العديد من عمليات الاحتيال. وفازت شركة إمباور بالعقد بينما كانت شركة وارتسيلا هي المتصدّرة لتسليم محطة توليد الكهرباء الجاهزة التي تبلغ طاقتها 36 ميجاوات وبتكلفة 60 مليون دولار بهدف تحسين إمدادات الكهرباء إلى نواكشوط. مرة أخرى لم يتم اتباع الإجراءات والضوابط. لقد ابتلعت البنى التحتية "أموالا هائلة". وتقدر اللجنة أنها كانت موضوع "فساد منظم" من خلال عقود تراض بلغت 89 بالمائة من الحالات.
ولذلك أوصت اللجنة بإعادة التفاوض بشأن العقود الموقعة مع بولي هوندونغ وآرايز وإلغاء مبيعات الأراضي التي تمت في المزاد وإحالة المخالفات الكثيرة والجرائم التي حدثت إلى العدالة الجنائية.
ولد عبد العزيز صانع القرار النهائي
نادرًا ما ذكر الرئيس السابق عبد العزيز بالاسم في التقرير ولكن كل شيء يشير إلى أنه كان صانع القرار النهائي الذي حدد الشركات الفائزة بصفقات الصيد أو إنارة الشوارع بالطاقة الشمسية وكذلك الأفراد المستفيدون من مبيعات الأراضي العامة بأسعار تنافسية.
تحدد عدة فقرات في التقرير أفراد عائلته كمستفيدين أو وسطاء للعقود المشبوهة. ولدى سؤالهم عن مسؤوليتهم في هذه الحالات أخبر رؤساء وزرائه السابقين والعديد من وزرائه اللجنة أنهم نفذوا أوامر الرئيس آنذاك فقط.
هذا التقرير المتفجر يبدو أنه سيزلزل الحياة السياسية والاقتصادية الموريتانية. فقد استفاد الكثيرون من الحكم الفوضوي والأحادي لرئيس الدولة السابق كما أن هنالك من غضوا الطرف عن الأفعال غير القانونية وحتى الاحتيالية.
بالنظر إلى المسؤولية في هذه الأخطاء لدى بعض وزراء ولد عبد العزيز في الحكومة التي شكلها في أغسطس 2019 الرئيس الجديد محمد ولد الشيخ الغزواني يبدو أن استقالة هذا الفريق محتملة على المدى القصير.
المصدر صحيفة jeune afrique الفرنسية، ترجمة الصحراء