يها المواطنون؛
أيتها المواطنات؛
هنيئًا لكم جميعًا، مواطنيَ الأعزاء، أينما كنتم، بهذهِ الذِكرى الرابعةِوالستينَ لعيد استقلالنا الوطني المجيد، إِحدى أنصعِ صفحاتِتاريخِنا، وأقواها إشراقًا، وعِزةً.
صفحةٌ كتبَ رجالُ مقاومتنا الأبطالُ أبرزَ فقراتِها، بالبندقية واليَراعِ،في ملاحِمِهم وبطولاتِهم، وصمودهم الفكري، والثقافي، انتصارًالحريةِ الوطن وكرامتِه، وذبًا عن هُويتهِ الدينية والحضارية.
وإن الاحْتِفاءَ بِهم واستحضارَ ذِكراهم لَيُعزِزُ لدى الجميعِ قيمَ حبِالأوطانِ وعِزتَها، وما لها علينا من واجبِ التضحيةِ، وخالصِ الولاءِ.
كما يُقَوِي الإحساسَ بالانتماءِ للوطن والاعتزَازَ بتاريخه المشرقِوبما بُنِيَ فيه، من عيشٍ مشتركٍ أصيلٍ يَعْكِسُ تَنَوُعَنا الثقافيالفريدَ، وهُويتَنا الحضاريةَ المتميزةَ.
ولِذا يَجِبُ علينا جميعًا، أيًا تَكُنْ مَواقِعُنا، أن نجعلَ أُولىَأوْلوِياتِنا صَونَ هذا الوطنِ وتطويرَه وتَنميتَهُ لِيصيرَ على قدرِآمالِ وطُموحاتِ شعبنا، وفاءً لتضحياتِ مقاومينا ولِجهودِ أجيالِناالتي تَعاقبت على تَشْيِيد صَرْحِ الدولةِ الموريتانية.
إن الوطنَ أهمْ وأبْقَى مِنا جميعا، وصالِحُهُ العام مُقَدَمُ مطلقا علىالمصالحِ الشخصيةِ والفِئَويةِ، مهما تَراءَتْ عَظِيمةَ لأصْحابِها.
ولذا يُضَحى في سبيله بالغالي والنفيسِ كما جَسّدَ ذلك ميْدانِياأبطالُ مقاومتِنا، بِشقيها العسكري، والفِكري، وقد حَمَلَتْ قُواتناالمسلحة وقُوات أمننا مِشْعَلَهم، فكانت، مُنْذُ نَشأتِها، ولا تَزالُ،دِرعَنا الواقي، وحامي سِيادَتِنا، وكرامةِ شعبِنا.
فالرّحمة وجَناتُ الرُضوانِ، لكلِ شهداءِ الوطنِ، والتحيةُ والإجلالُ،لسائر أفرادِ قواتِنا المسلحةِ، وقوات أمنِنا، ما عادَتْ على مدارِالّزمانِ ذِكرى هذا اليومِ الأغرِ.
أيها المواطنون؛
أيتها المواطنات؛
لقد شَكّل استقلالُ بلادنا، استعادةً للحريةِ، والسيادةِ، وميلادا جديداللأمةِ، واكَبَه لدى شعبِنا أملٌ كبيرٌ، في قِيام دولةٍ بالمفهومِ الحديثِ،تُديرُ وتَرعى شُؤونَه ومصالحَه، ويكون رُكنَها الأساسَ ومصدرَالسّلطة فيها، وغايَتَها الأولى والنهائية.
وبقدر ما تُعزِزُ الدولة، وحدةَ شعبِها، ولُحمته الاجتماعية، وتَجعلُمن خدمةِ المواطنِ، مِحورَ كل استراتيجياتِها، وغايةَ أنماطِ حَكامتها،بقدر ما تَتَهيأ لها أسبابُ المِنْعَةِ، والتقدمِ والنماءِ.
وتأسيسًا على ذلك، ونَظَرًا لِخُطورةِ العواملِ التي تُضعف الانسجامَالوطنيَ، كالجو السياسي المتشنجِ، وتَجَذُرِ التّراتُبيَّات الوهميةِوالعَصَبياتِ القَبَلية والشّرائِحية، على وحدتِنا الوطنيةولُحمتِنا الاجتماعية، ولِتَنامي ظواهرِ الفقرِ، والغُبنِ، والإقصاءِ،كَرّسنا عملَنا طوالَ مأموريتِنا المنصرمة، على محاربة هذه العواملوالتغلُب على آثارِها المجتمعيةِ الهدامةِ.
وهكذا اتخذنا الحوارَ، والتشاورَ، والانفتاحَ على جميع الفُرقاءِ،أساسًا لِنهجنا في تدبير الشأنِ السياسي بل والشأنِ العام عموما،فَاستطعنا بفضل الله وبجهودِكم جميعا، أن نُعيدَ الساحةَ السياسيةَ،إلى ما يَقْتَضِيهِ، بِطَبيعَتِهِ، نظامٌ ديمقراطيٌ سليمٌ، مِن حَصْرِالاختلافِ، وتباينِ الآراءِ، والتنافسِ، في إطارٍ من المسؤولية الأخلاقية،والالتزامِ الأدبي، وتَغليب الصالحِ العامِ. وهو ما مَكننا من تنظيمانتخاباتٍ رئاسية، وتشريعية، وجهوية، وبلدية في إجماع تام، علىقواعدها وأُسُسِ تسييرها.
وترسيخًا لنظامنا الديمقراطي، عَززنا الثقةَ في هيئاته المؤسسية،وَوَسّعنا قاعدةَ التمثيلِ فيهِ لضمان شمولِها فئةَ ذَوِي الاحتياجاتَالخاصة، وكذلك فئةَ الشبابِ، التي لَمْ ولَنْ نَدّخِر جُهدا في التمكينلها، إيمانا منا، بأنها عُدّتُنا وعتادُنا حاضرا ومستقبلا.
ولضمان اسْتِدامةِ ما تحقق، من تَحَسُّنٍ جَلِيٍ في حَكامتِناالسياسية، كان لا بد لنا من العمل على تقوية مُختلفِ مؤسساتناالدستورية. ولذا، حَرِصنا على ترسيخ مبدإ الفصلِ بين السلطات،وتَعزيزِ وتقويةِ كلٍّ منها، خاصةً السلطةَ القضائية، بحُكم كونهاالمرجعَ الضامن، للسير المنتظمِ لجميع مؤسساتِ الدولة. فَعمِلناعلى عصرنة قطاع القضاء، وتطوير بِناهُ التحتية، وتحسينِ ظروفِالعاملين به، وأطلقنا مسارًا تشاوريا، يهدفُ إلى إصلاح العدالة فيالعمق، أسفَر عن وثيقةٍ وطنية، لإصلاح وتطويرِ العدالةِ، هي اليومَقيدُ التنفيذِ.
وقد كان لهذا التّحسنِ في الحكامة السياسية دَوْرٌ معتبرٌ في نجاعةِما بذلناهُ من جهود على مدى المأمورية الأولى لتقويَة وِحدتناالوطنية، ولُحمتنا الاجتماعية. وهي جهودٌ تَركزت في الأساس علىمكافحة الفقرِ، والهشاشةِ، والغبن، والتهميش، من خلال بناءِ شبكةأمانٍ اجتماعيٍ واسعةٍ، استفادَ جُلٌّ مواطنينا الأكثرِ فقرا، وهشاشة،من برامجها، وتدخلاتها المتنوعة.
وقد تَعززتْ شبكةُ الأمانِ، هذه، بما أحرزناهُ في مجال النّفاذ إلىالتأمين الصحي الشاملِ، حيث استحدثنا صندوقا وطنياللتضامن الصحي وَفّرَ الاستفادةَ من التأمين الصحي بتكلفةٍ رمزيةٍلما يٌقاربُ 200 ألفِ مُتعففٍ أساسًا في نواكشوط. وسيغطيالصندوقُ تدريجيا سائرَ ولايات الوطن.
كما وقفنا في وجه كُل ما من شأنه المَساسُ بِعيشنا المشترك،وانسجامٍنا المجتمعي، بمحاربة الصُّور النّمطيةِ الزائفةِ والعصبياتِالقبلية والشرائحية. وعززنا الرابطة العَقَدِيَةَ الجامِعةَ بما حققناه منعديد الإنجازاتِ في مجال ترقيةِ الشؤون الإسلامية.
وعلاوة على ذلك عَمِلنا على ترسيخ دولةِ القانون والمؤسسات،وتَعزيز الحرياتِ الفردية والجماعية، وحَارَبنا كافةَ المسلكياتِ التيتُناقض حقوق الإنسان، بتنفيذ الخِطةِ الوطنية لمحاربة الاتجارِبالأشخاص والعملِ على مُواءمةِ قوانيننا مع ما صادَقنا عليه منمعاهدات دولية ذات صِلةٍ.
يَنضافُ إلى ذلك ما بَذلناه من جهود كبيرة في سبيل إصلاحِالإدارة، بتقريبِ خِدْماتِها من المواطن، وتَمكينِه من إجراء معاملاتهِ،واسْتِيفاءِ حقوقِه، بكرامةِ وسلاسة، وعلى أساسِ مُجردِ المواطنةِ.
وقد دَعمنا هذا التوجهَ الإصلاحيَ في الإدارة، بمحاربة الفسادِ
ومَا كانَ لشيءٍ مِن كٌلِّ ما تقدمَ أن يَتحقق، لولا أنْ وُفِّقْنا بحول اللهوقوته، إلى تنفيذٍ ناجعٍ وفعالٍ، لاستراتيجيتنا الأمنية المندمجة،مكننا من صونِ أمننا، واستقرارِنا، على الرغمِ مِمَا فشَا في محيطناالإقليمي، بل وفي العالم عموما، من عنفٍ، وإرهاب، ونزاعاتٍ مسلحة،تُقوِضُ دعائمَ الاستقرارِ، وتُعيق التنميةَ، بمختلف أبعادِها، وتُهددكيانات الدولِ في الصميم.
وقد سَاعدت في تَرسيخ هذا الإنجاز، على مَدى السنوات الخمسالماضية، سياسَتُنا الخارجيةُ النشطةُ والمتوازنةُ، التي عَززت بنحوِملحوظٍ، حضورَنا ومكانتَنا إقليميا، ودوليا، باعتمادِها قواعدَ حُسنِالجوارِ، والاحترامِ المتبادلِ، وترقيةِ المصالحِ المشتركة، مع الوقوفِ،بحزمٍ، إلى جانب القضايا العادلةِ، كالقضيةِ الفلسطينية.
وإن ما تَحقق على مستوى الحكامةِ السياسية وتًعزيز الوحدةالوطنية وتقوية اللحمة الاجتماعية لَضَرُورِيٌ لتحقيق ما تَعهدنا بهفي برنامج المأمورية الأولى من بناء اقتصادٍ صامدٍ متجه نحوالصعود.
وفي سبيل الوفاء بهذا التعهد بذلنا جهودا كبيرةً لتنمية الخِدْماتِالأساسيةِ، من حيث الجودةُ ونِسبُ النفاذِ، ولتعزيزِ استغلالِالقطاعاتِ الإنتاجية وتطويرِ البنى التحتية للوصول إلى مستوىيَسمحُ بتحقيق تّحولٍ اقتصاديٍ يُفْضي إلى تَحسنٍ نوعيٍ فيظروف حياة المواطنين وإلى وضع بلادنا على مسارٍ تنموي صاعدٍ.
وفي هذا السياق، أطلقنا إصلاحا تربويا عميقا وعززنا مشروعَالمدرسةِ الجمهورية وتَوَسّعْنا في تشييد البني التحتيةِ التعليميةواكتتابِ وتكوينِ المدرسين وتوفير الدَّعاماتِ التربويةِ وهو ما أَوْصَلَمعدلَ التمدرسِ الابتدائي الصافي إلى 81 في المائةِ ونسبةَالاسْتِبْقاءِ إلى 83 في المائة وَرَفَعَ نسبةَ النجاحِ في الباكالورياإلى ما يَرْبو على 39 في المائة. يَنْضافُ إلى ذلك ما تم إحرازُهُ منمضاعفة الطاقة الاستيعابية بمؤسسات التعليم العالي والمِهنيوتَنْويعِ عرضِ التكوينِ بها مع العملِ على مواءمته مع مُتطلباتِسوقِ العملِ.
وفي ذاتِ الوقت عملنا على تَعزيز منظومتنا الصحية بتوفير الأدويةوتحسين جودتِها وبالتوسع في اكتتابَ الكوادرِ الطبية بمختلففئاتها، وتحسينِ ظروفِ عملِها وفي بناءِ وتجهيز البنى التحتيةالصحية مِن مستشفياتِ ومراكزَ ونقاطٍ صحية وهو ما مَكنَ من إيصالنسبةِ النفاذِ للخدمات الصحية لِما يناهزُ ثمانينَ في المائة سنة2024.
وبالتَّوازي مع ذلك بذلنا جهودا كبيرة في إنشاء وتجهيز نقاطِ المياهِبمختلف الولايات ومَدِ مئات الكيلومترات من الأنابيب ووضعِ آلافِالتوصيلات بشبكات المياه وتقويةِ وتوسيعِ شبكاتِ التوزيعِ مماأوصل نسبةَ الولوجِ إلى الماء الصالحِ للشرب، إلى 78 المائة سنة2024.
وبفضل ما وُضِعَ من استراتيجياتٍ وما نُفذ من برامجَ ومشاريعَ،وكذلك بفضلِ جهودِكم جميعا تمكّنا، على مَدَى السنوات الخمسالماضية، من زيادة المساحات المزروعة بنسبة 33 في المائة. فارتفعَ بذلكإجماليُ الإنتاجِ الزراعي 2023 /2024 للموسم الزراعي بنسبة 71 فيالمائة، ووصلت مساهمةُ الزراعة في الناتج الداخلي الخام إلى 5.2 فيالمائة لسنة 2023.
كما استطعنا، بما وَضعْناهُ من تنظيم مؤسسي ملائم لتطوير ثروتِناالحيوانية، من تَحسين السلالاتِ وإقامةِ أقْطابٍ تنموية مندمجة فيالولايات الرعوية وتَعزيزِ الصِحةِ الحيوانية وتوفيرِ الأعلاف، بنحوٍرَفَعَ مساهمةَ الثروةِ الحيوانية في الناتج الداخلي الخام إلى 10.7في المائة برسم سنة 2023.
ومَنحنا، في ذات الوقت، ثروتَنا السمكيةَ فائقَ الاهتمامِ. فعَمِلناابتداء على مواجهة خطرِ استنزافِها ودَعمْنا الرقابةَ البحرية والبحثَالعلمي لإعادة تكوين المخزون وضمانِ استدامته علاوة على تشجيعالصناعة التحويلية للرفع من مستوى القيمةِ المضافةِ.
ونفسُ الاهتمامِ أوْليناه، كذلك، لثروتنا المعدنية. فحرِصنا على تنظيموتأطير نشاط التعدين الأهلي وإصدار قانون التوجيه الخاصبالمحتوى المحلي وفتحِ السجل المعدني حسب قواعدِ الشفافية. وقدأوصلت هذه الجهودُ مساهمةَ القطاعِ في الناتج الداخلي الخام إلى17.1 في المائة سنة 2023.
كما مكّن توجُهُنا الاستراتيجي المرتكزُ على استغلالِ المواردِ الوطنيةلإنتاج طاقةٍ مستدامة، نظيفة وقادرة على تلبية الاحتياجات المتزايدةللمواطنين من رفع نسبةِ الولوجِ للكهرباء إلى 57 في المائةِ ونسبةِالطاقاتِ النظيفة في مزيجِنا الطاقوي الإجمالي إلى 48 في المائةسنة 2023.
وقد تعزز ما تحقق من إنجاز على مستوي الخِدماتِ الأساسيةوالقطاعات الإنتاجية بما أحرزناه على مستوي البني التحتيةِ، إذتَمكنا من زيادةِ طولِ شبكتنا الطرقية بما يناهزُ 3000 كيلومترٍ، مابين تشييد جديد وإعادة تأهيل، مَكنتْ من تحسين الربط بينالمقاطعات وعواصمِ ولاياتها. كما أنشأنا شبكاتٍ حضريةً ساعدتْ فيتحسين واجهةَ مدننا وانسيابيةَ حركةِ المرورِ داخلها. واستفادتالبنيةُ التحتيةُ المينائية من اهتمامٍ نَظيرٍ كما البنيةُ التحتيةُ الرقميةُ،التي توسعت بإنجاز 1700 كيلومتر من الألياف البصرية وبإتمامِمشروع الربط الحدودي.
وقد مَكنت كل هذه الإنجازاتُ وبصفة أعمَّ السياساتُ الاقتصاديةوالنقديةُ التي وجَهْنا بتنفيذها من تحقيقِ نسبةِ نموٍ بلغتْ 6.5 فيالمائة سنة 2023 ومن رفعِ ناتجنا الداخلي الخام للفرد إلى ما يناهز2400 دولار سنة 2023 وكذلك من التغلب على مشكلة الدين العام الذيانخفضت نسبته إلى الناتج الداخلي الخامِ لِتصل 40% سنة 2023.
وقد شَكلت هذه النتائجُ دعامة قوية لسياستنا التشغيلية التي مَكنتمن خلق ما يربو على 125.000 فرصةِ عملٍ مباشرةٍ و268000 فرصةِعملِ غير مباشرة.
ولولا ما تعرضت له بلادنا بدايةَ المأموريةِ الأولى، من صدمات خارجيةعنيفة كجائحة كرونا والأزماتِ الأمنية الإقليمية والدولية الحادةوانعكاساتِها المتنوعة الهدامة، شأنُنا في ذلك شأنُ العالم عموما،لكانت، اليومَ، النتائجُ الجيدة التي أحرزناها أفضلُ وأعمقُ أثرًا.
أيها المواطنون؛
أيتها المواطنات؛
جَلِيٌ من ما تقدم أننا بحول الله وقوته وبدعمكم ومشاركتكم جميعااستطعنا، خلال المأمورية المنصرمة، إرساءَ شروطِ تحولٍ مجتمعيٍيفضي إلى قيام مجتمع فخورٍ بتنوعهٍ، متصالحٍ مع نفسه، تُشاركُكُلُ مكوناتِهِ في تدبير الشأنِ العام، وتستفيدُ في السويةِ والإنصافمن ثروات بلدها.
وسَنستمر بحول الله في تعزيز هذه المكاسب.
وفي هذا الإطار- كما أكدت على ذلك في خطابي بمناسبة تنصيبيرئيسا للجمهورية لمأمورية جديدة - سأظل متمسكا، على الدوام، بمبدأ الانفتاحِ والتهدئة السياسية والتشاورِ واليدِ الممدودة لكافةمكونات الطيف السياسي.
وإنني لعلى قناعة بأن تَجْنِيبَ بلدِنا كل ما قد يُرْبكَ مسيرتَه نحوالبناء والنماء، لِيَظَلَ حرًا مستقلا مستقرا وآمنا، لَيتطلبُ دائمَالتواصلِ والحوار والنقاش بين مختلف الفاعلين السياسيينوالاجتماعيين حول القضايا الوطنية الكبرى.
ولذا كان تنظيمُ حوارٍ جامع لكل مكونات الطيف السياسي من أبرزعناوين البرنامج الذي تقدمت به للشعب الموريتاني.
وتنفيذا لهذا الالتزام وتجسيدا لتلك القناعة سنبدأ بحول الله، فيالأشهر المقبلة، الاتصالَ بمختلف الأطراف السياسية، من مولاةٍومعارضةٍ، للتشاور حول أنسبِ السُّبلِ للتحضير الجيد لحوارٍ يطالكل القضايا الكبرى وخصوصا ما تعلقَ منها بتعزيز وحدتنا الوطنيةوانسجامنا المجتمعي وترسيخِ نظامِنا الديمقراطي.
وكما ذكرت سابقا فإنني أريد لهذا الحوارِ أن يكون حوارا جامعاصريحاً ومسؤولا تَتَرَفعُ أطرافُه عن المكابرات والمشاكسات العقيمةوعن الانسياق وراء تحقيق مكاسبَ شخصيةٍ وحزبية ضيقة علىحساب الصالح العام المُتوخي منه.
ولضمان ذلك يجب أن نستفيد من التجارب السابقة ونقترحَ آليةًومنهجيًة جديدتين لضمان نجاح هذا الحوار.
وعلاوة على هذه الجهود الكبيرة في تطوير الحكامة السياسية،ومكافحة الفقر والغبن والبطالة وسوء التسيير والفساد، تعزيزاللوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية، فإننا سنواصل تطويرَالخِدماتِ الأساسية والقطاعات الإنتاجية والبني التحتية الداعمةللنمو.
فبخصوص الخِدماتِ الأساسية سنستمرُ في تنفيذ إصلاح النظامالتعليمي وتعزيز المدرسة الجمهورية، ودعم القدرة الاسْتِبْقائيةللمنظومة التعليمية وتحسين فعَّاليتها الخارجيةِ وظروفِ عملِالمدرسينَ بها وكذلك في تنويعَ عرضِ التكوينِ الجامعي وتمهينِهحرصا على موائمته مع حاجات سوق العمل.
كما سَنسعى إلى تحقيق نفاذٍ شاملٍ لخِدماتٍ صحيةٍ جيدةٍ بتطويروضبطِ حكامةِ القطاع وبتعميم المستشفيات الجهوية المتعددةِالاختصاصات وبناء مُركبٍ استشفائي جامعي.
ونفسُ هذا النفاذِ الشاملِ سنعملُ على تحقيقه فيما يتعلق بالماءالصالح للشرب وذلك بتنويعِ وتأمينِ مصادرِ التموينِ، بما فيهاالتَّحليةُ، وتعميقِ استكشافِ المواردِ الجوفية وتعبئة المياهِ السطحيةوبالتوسعِ في بناء السدود مع انشاءِ صرفٍ صحيٍ فعالٍ في عواصمالولايات، قُطبُه الأول قيدٌ الإنشاءِ في مدينة نواكشوط.
ودعما لهذا الجُهدِ الخدمي، سيكون من أُوْلى أولوياتنا تعزيزُمسارِنا التنموي الصاعِد بالعمل على تحقيق أعلى مستوًى ممكنٍمن الأمنِ والسيادةِ الغذائية بترقية قطاعاتِنا الإنتاجية، من زراعةوثروة حيوانية وسمكية، وكذلك بتعزيز وتطوير بنيتِنا التحتيةالطرقية والمينائية والرقمية. كما سنعمل على استغلال مخزونِناالطاقوي من الغاز والطاقات المتجددة لتلبية الحاجاتِ الطاقوية،المنزلية والصناعية، ولترقيةِ وتطويرِ قطاعنا المعدني ودمجه فيالنسيج الاقتصادي، وكذلك لإنتاج الهيدروجين الأخضر تعزيزا لدورناكفاعلٍ مركزي في التحول الطاقوي العالمي.
مواطني الاعزاء
إن الهدف الأساسَ لكل الجهودِ التي بذلناها ونَعْتزم بذلها علىصعيدِ تحسينِ الحكامةِ السياسة والاقتصادية والاجتماعية هو صَوْنُأمنِ بلدِنا واستقرارِه وتطويرِه إنمائيا لتتحسنَ باطراد ظروفُ عيشِالمواطنين وخاصة المتقاعدين منهم والقائمين على الخدمات الأساسيةمن أمن وتعليم وصحة.
ونظرًا لبالغ اهتمامي بتوفير سُبلِ العيشِ الكريم للمواطنينوتحسينِ ظروفهمِ، ماديا ومعنويا، لم أفَوِتْ، طيلةَ المأموريةِ الماضية،أي فرصةٍ سَنحتْ لزيادة رواتبِ وعلاواتِ العمالِ وتعويضاتِالمتقاعدين.
فقد استفادَ عمال الصحة من مضاعفة رواتبهم خلال السنواتِ الثلاثِالأخيرةِ ومن زيادةٍ معتبرةٍ لعلاوة الخطرِ. كما استفادَ عمال التعليمِمن زياداتٍ، هي الأخرى، معتبرةٍ وصلتْ إلى الضِّعفِ فيما يخصُعلاوات التأطيرِ والطبشورِ والبعدِ.
كما استفادَ أساتذة التعليم العالي من زياداتٍ قيمةٍ لرواتِبِهم. هذا علاوةً على رفعِ رواتب كل الموظفين بعشرين ألف أوقية قديمةومضاعفةِ تعويضات المتقاعدين.
واستمرارًا في نفس النهج قررنا، وعيًا بدقة ظروف المدرس وحرصاعلى تحسينها، استحداثَ صندوقٍ لتمويل برنامجٍ لدعمِ سَكَنِالمعلمين والأساتذةِ وتخصيصَ كل المنازلِ التي تم تشيدها في إطاربرنامج داري وعددُها 2508 منزلا، تزيد قيمتها الإجمالية على 22مليار أوقية قديمة، لدعم هذا الصندوق. وقد وجهنا الحكومة بالشروعفي تحديد آليات تسيير وشروطِ الاستفادةِ منه بالشراكة مع ممثليالمدرسين في أقرب الآجال.
كما قررنا تخصيصَ علاوةٍ شهريةٍ بقدر 20.000 اوقية قديمة لمدرسيالسنة السادسة من التعليم الأساسي سيستفيد منها خلال العامالدراسي 2024 2025 أكثر من 4000 مدرسٍ.
وفي نفس الإطار قررنا كذلك تحسينَ ظروف أفرادِ قواتِنا المسلحةوقوات أمننا من خلال زيادة الرواتب الشهرية للجنود والوكلاء15000 ألف أوقية قديمة ورواتب ضباط الصف 10000 آلافِ اوقيةقديمة.
كما الزمنا الحكومة بالإسراع في الدعوة إلى حوارٍ بين الأطرافِالاجتماعية من أجل تدارس سٌبُلِ الرَّفعِ من الحد الأدنى للأجوروبإطلاق دراسة تسمح بمراجعة نظام تقاعد موظفي القطاع العامقصد تحسين ظروف التقاعدين.
أيها المواطنون؛
أيتها المواطنات؛
إنني مؤمن بعبقرية الشعب الموريتاني، واثقٌ بقدرتنا معا علىتحقيقِ ما نطمحُ إليه جميعا لبلدنا.
فمعًا، يمكننا إحداثُ تحولٍ مجتمعي أساسُه الثقةُ القويةُ بينمكوناته وفي مؤسساته، يوطد وحدتنا الوطنية ويعزز نظامنا الديمقراطي. ويضاعف فعالية جهودنا في وضع بلدنا على مسارتنموي صاعد يُسرِّعُ قيامَ الوطن الذي نريده جميعا، وطنُ العدلِوالإخاءِ والتقدمِ والنماءِ.
عاشت موريتانيا، حرة، مستقلة ومزدهرة!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..