شارك فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني صباح اليوم الاثنين بواسطة تقنية الفيديو، في أشغال القمة ال 19 العادية لرؤساء دول وحكومات البلدان الأعضاء في اللجنة المشتركة لمكافحة آثار الجفاف في الساحل (سلس) المنعقدة في العاصمة البوركينابية واغادوغو، وبمشاركة الشركاء الفنيين والماليين للمنظمة.
وانتقلت خلال هذه القمة الرئاسة الدورية لمجموعة"السلس"من الرئيس البوركينابي السيد روك كريستيان مارك كابوري إلى الرئيس التشادي السيد إدريس ديبي إتنو الذي سيتولى الرئاسة الدورية خلال الفترة المقبلة.
وقد تأسست منظمة السلس في ال 12 دجمبر عام 1973 م بواغادوغو في أعقاب اجتياح ظاهرة الجفاف لمنطقة الساحل، حيث ارتأت الدول الأعضاء وقتها تنسيق الجهود من أجل مواجهة هذه الظاهرة من منطلق عجز كل دولة عن التصدي لها بوسائلها الخاصة، مما تطلب تضامنا إقليميا ذا بال لمواجهتها.
وقد شاركت بلادنا في المؤتمر التأسيسي للمنظمة إلى جانب خمس دول هي السنغال ومالي والنيجر وبوركينا افاسو واتشاد وانضمت إلي لجنة" السلس" لاحقا دول غامبيا وغينيا بيساو وجزر الرأس الأخضر.
وتبلغ مساحة الدول الأعضاء في لجنة (سلس)، التي يوجد مقر مكتبها التنفيذي بالعاصمة البوركينابية واغادوغو، 3ر5 مليون كلم مربع وتتميز هذه المنطقة بضعف الإنتاج الزراعي، حيث لا يتجاوز مستوى التساقطات المطرية فيها مابين 100إلى 1200 مم سنويا وهي منطقة شبه قاحلة إلى جافة في أغلبها، مما أدى إلى محدودية المساحات المستصلحة وتراجع الزراعة المروية بالإضافة إلى خصائص من أهمها انهيار البيئة و تناقص الغطاء النباتي وانعدام الأمن الغذائي في ظل تزايد سريع للسكان ونزوح مكثف إلى المدن .
وقد شهدت السنوات القليلة الموالية لإنشاء ال"سلس" إنشاء مؤسسة سميت بالمؤسسة الشقيقة ضمت نادي أصدقاء الساحل مثلت آلية موازية ال"سلس" تتألف من المانحين الأساسيين للجنة وهم كندا وفرنسا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وتروم هذه الآلية تنسيق الجهود الدولية بغية مؤازرة لجنة ال"سلس"وتشجيعها على بدء إستراتيجية المشاريع الجهوية الكبيرة في الثمانينات من القرن الماضي بإنشاء ما سمي بمشروع التشخيص الدائم الذي يدعم المصالح الوطنية للإحصاء الزراعي من أجل متابعة إعداد وتنفيذ وتحليل نتائج الحملات الزراعية في الدول الأعضاء لمواجهة العجز الغذائي والمشروع الجهوي للطاقة الشمسية ضمن مقاربة لاستغلال الرصيد الهائل لدول الساحل، والذي استفادت منه مجموعة كبيرة من القرى الموريتانية خاصة على طريق الأمل، والمشروع الجهوي لغاز البوتان واستفادت منه شركة سوماغاز .
وقد انبثقت عن لجنة ال"سلس" في السبعينات مؤسستان كبيرتان متخصصتان وهما معهد الساحل الذي يوجد مقره في باماكو والمتخصص في مجال التهذيب والبحث، والمعهد الجهوي للزراعة "آغريمت" ومقره في انيامي وهو معهد ذو طبيعة تكوينية للمهندسين الزراعيين والمهندسين في مجال الرصد الجوي واستفاد منه العديد من الأطر الموريتانيين.
وتتمثل أهداف اللجنة أساسا في توفير الأمن الغذائي ومكافحة التصحر عبر تمويل برامج في هذه المجالات داخل الدول الأعضاء.
وتسعى المنظمة من خلال برامجها إلى تسهيل الحصول على الغذاء الكافي لكل شعوب بلدان الساحل وضمان حياة كريمة لهم.
كما صادق رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي سنة 2003 في مابوتو على البرنامج المفصل لتنمية الزراعة في إفريقيا باعتباره إطارا لتسريع النمو الزراعي والأمن الغذائي في القارة، والتزموا بتخصيص 10% من الميزانيات الوطنية لبلدانهم للاستثمارات الزراعية.
وقد تولت بلادنا الرئاسة الدورية للجنة ثلاث مرات منذ إنشائها كان آخرها سنة 2012.
وترتبط جميع الأنشطة المتعلقة بالزراعة أو تنمية المواشي في منظمة الساحل بمستوي وضعية الأمطار بنسبة 90%، هذا في الوقت الذي يعيش فيه نصف سكان الأرياف بالساحل في مناطق تقل فيها التساقطات المطرية عن 600 مم .
وقد عملت منظمة ال"سلس" منذ إنشائها على البحث عن بدائل، جاعلة من التحكم في الماء رهانا من الدرجة الأولى بالنسبة لها، حيث أن 39 % من الأسر في بلدان الساحل ما تزال تفتقر إلى الماء الصالح للشرب ، كما لا تتجاوز نسبة المساحات المروية 4،4 % من المساحات الفعلية القابلة للزراعة المروية في المنطقة .
وقد تمكنت منظمة السلس حتى الآن من تحقيق إنجازات هامة نذكر منها:
- إنجاز العديد من الدراسات الخاصة بحصر المياه السطحية لتحديد الموارد المتوفرة ومتابعة تطورها.
- تكوين متخصصين في مجالات الزراعة والمياه والرصد الجوي في مركز أغريميت الجهوي بهدف تعزيز قدرات الدول الأعضاء .
- دعم الدول في وضع وتنفيذ سياسات وإستراتيجيات منسجمة لتسيير الماء.
- وضع وتنفيذ العديد من البرامج الجهوية الهامة في مجال المياه القروية، مع إعطاء الأولوية لاستخدام نظم سحب المياه بتكلفة منخفضة اعتمادا على استغلال مقدرات المنطقة من الطاقات البديلة، وهذا هو الحال بالنسبة للمرحلة الأولى من البرنامج الجهوي للطاقة الشمسية المنفذ خلال عقد التسعينات، ومراحل أخرى من برنامج "سلس " منظمة المؤتمر الإسلامي، المنفذ منذ الثمانينات .
وهذه التوجهات تم تحديدها بوضوح في ما سمي بإعلان : "التحكم في الماء من أجل صد المجاعة في الساحل " الذي صادق عليه المؤتمر الرابع عشر لرؤساء الدول الأعضاء في اللجنة المشتركة لمكافحة آثار الجفاف في الساحل المنعقد في نواكشوط خلال شهر يناير 2004.
وقد حققت اللجنة طيلة 45 سنة على إنشائها، عملا جبارا في مجال تعبئة وتحسيس الرأي العام حول خطورة التقلبات المناخية والبيئية التي تهدد بلدان الساحل، كما نجحت في هذا الإطار في الدعم التقني و تعبئة مصادر مالية هامة .
وتواجه "السلس " تحديات جمة تحتم عليها التعاون من اجل مواجهة التدهور البيئي في دول الساحل والعمل على مساعدة السكان خاصة في الريف على تحقيق عيش كريم في أماكنهم الأصلية.
كما تفرض متطلبات المرحلة الراهنة على اللجنة اتباع منهج جديد ومنسجم وأكثر ملاءمة يعتمد على الدقة في الاختيار والصرامة في البرمجة والشفافية في تنفيذ المهمات.
و.م.أ