ما إن أشارت عقارب الساعة إلى الثانية فجرا حتى اندفع آلاف الفلسطينيين في مسيرات حاشدة تجوب شوارع قطاع غزة، احتفالا بالنصر واحتفاء بالمقاومة التي يرون أنها أبلت بلاء حسنا خلال 11 يوما من حرب شنتها إسرائيل على القطاع الساحلي الصغير.
ويفخر الغزيون بأن المقاومة خاضت هذه الحرب استجابة لنداءات المقدسيين وأهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، لنصرتهم في وجه اعتداءات إسرائيلية وإجراءات لتهجيرهم من منازلهم.
تكبيرات.. وهتافات لمحمد الضيف
وصدحت مساجد غزة بالتكبير والتهليل ابتهاجا بـ"انتصار المقاومة"، بينما انطلقت من شرفات المنازل الزغاريد والصافرات والألعاب النارية، وأطلق مسلحون النار في الهواء.
وبشكل عفوي، تدفق الآلاف إلى الشوارع والميادين العامة على امتداد القطاع، وانتظموا في مسيرات رددوا خلالها هتافات تمجد المقاومة والشهداء، وصدحوا بتكبيرات عيد الفطر الذي حرموا فرحته وقضوه على وقع الانفجارات الناجمة عن القصف الإسرائيلي جوا وبرا وبحرا.
وكانت أبرز هذه المسيرات في مدينة خان يونس جنوب القطاع، إذ توجهت إلى منزل ذوي محمد الضيف قائد أركان كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وتعالت هتافات المبتهجين: "تحية لكتائب عز الدين"، و"من غزتنا تحية للقدس الأبية"، و"من غزتنا تحية للمقاومة الأبية".
وكان للضيف النصيب الأكبر من هتافات التأييد والدعم والإسناد.
ويعتبر الضيف المطلوب "رقم 1" على قائمة المطلوبين لإسرائيل، وقد حاولت اغتياله مرات عدة على مدار ربع قرن، آخرها -بحسب ما أعلنت إسرائيل- محاولتان فاشلتان خلال الحرب الأخيرة.
وكتب الداعية نادر أبو شرخ على صفحته الشخصية في فيسبوك: "سيدي أبا خالد (كنية الضيف): أشهد الله أنك أديت الأمانة وبلغت الرسالة وزأرت للأقصى وانتفضت لبيت المقدس ولم تخذل الشيخ جراح، ونصرت شعبك وأمتك، لا أرانا الله بك وبمقاومتنا سوءا، ودمتم فخرا وعزا لنا".
تشغيل الفيديو
احتفالات فوق الأرض وتحتها
وفي مدينة غزة كبرى مدن القطاع، خرجت أسر بأكلمها تطلق العنان لأبواق سياراتها، وأصوات الأناشيد والأغاني الوطنية تعانق عنان السماء.
وقال نائب رئيس حماس في غزة عضو المكتب السياسي للحركة خليل الحية، في كلمة أمام الجماهير، "اليوم نفرح مرتين.. فرحة رمضان والعيد وفرحة النصر والعزة والكرامة".
وفي رسالة تحد لإسرائيل التي ادعت أن غاراتها العنيفة المكثفة دمرت أنفاق حماس، أكد الحية أن المجاهدين يسيرون الآن في الأنفاق ويعدون العدة للمعركة المقبلة.
وقاطعت الجماهير المبتهجة كلمة الحية مرارا بهتاف: "ضربنا تل أبيب.. ضربنا تل أبيب"، وهتافات دعم لكتائب القسام والمقاومة.
وأكد الحية أن المقاومة توحد الشعب الفلسطيني.
وأخرجت طفلة رأسها من نافذة سيارة تقلها وأسرتها، وهي تلوح بشارة النصر وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة، وقالت: "المقاومة انتصرت على اليهود".
وتوجهت مسيرات عفوية إلى المنازل التي تعرضت للقصف، خصوصا في مخيم الشاطئ وشارع الوحدة الذي تعرضت فيه عائلات لمجازر إسرائيلية مروعة، راح ضحيتها العشرات بين شهداء وجرحى.
ولوح المشاركون في هذه المسيرات بالأعلام الفلسطينية ورايات فصائل المقاومة، ورفعوا شارات النصر، وسط أجواء من الفرح والابتهاج، من دون أن يغفلوا مواساة ذوي الشهداء.
ووجه مشارك في المسيرة التحية العسكرية للضيف، وقال: "نحن بخير طالما المقاومة بخير.. المقاومة جعلتنا نشعر بالفخر وأننا على أبواب معركة تحرير القدس".
وقال آخر: "المقاومة رفعت رؤوسنا، وكلنا فداء للقدس والأقصى".
الملثم الأحمر
وقبيل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تفاعل الغزيون مع إطلالة من يصفونه بـ "الملثم الأحمر"، أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب عز الدين القسام.
وتناقل نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي مقتطفات من الكلمة المقتضبة لـ"أبو عبيدة"، الذي يتمتع بحب جماهيري كبير وتحظى إطلالاته النادرة بمتابعة واسعة.
وقالت الناشطة فلسطين لبد: "الله يسامحك يا أبو عبيدة، نسيت تقول لليهود نزلوا رجليكم (أرجلكم) بعد الساعة 2".
وكانت فلسطين تشير بذلك إلى حديث سابق لأبو عبيدة، عندما منح سكان تل أبيب هدنة من طرف واحد لبضع ساعات، وختم حديثه: "عليكم بعدها أن تعودوا للوقوف على ساق واحدة".
المصدر : الجزيرة