استمعتُ إلى خطاب الرئيس غزواني بخصوص الاجراءات المتخذة تجاه جائحة كورونا وتداعياته المؤثرة على واقع البلد والشعب، وكان خطابا إيجابيا وقد تضمن أمورا في غاية الأهمية وتمس حياة المواطنين العاديين بشكل مباشر خاصة تلك الإلتزامات والاجراءات ذات الطابع الاجتماعي، وكذلك العمل على تموين البلد بالغذاء والدواء بالشكل المطلوب، كما غابت عنه أمورستظل مطلوبة خاصة في مثل هذه الظروف.
تحمل الدولة
ـ ولعل أهم ما ورد في الخطاب هو تخصيص 5 مليارات لـ30000 ألف أسرة من الأسر التي يعيلها عجزة أو نساء أو معاقين، طيلة 3 أشهر أي معدل 55555 أوقية قديمة شهريا لكل أسرة، وهو مبلغ قليل نسبيا مقارنة مع غلاء المعيشة وضعف الدخل، وصعوبة الظروف الحالية من حيث الركود وضعف الأنشطة ذات الدخل عموما، كما أن العدد المستفيد من الأسر (30 ألف) عدد قليل نتيجة كثرة الفقر في البلد، لذلك كان من المطلوب أن يكون المبلغ المخصص لكل أسرة مضاعفا مرة على الأقل، وعدد الأسر مضاعفا 3 مرات على الأقل، ولا يمكن إلا أن نعتبر هذا الإجراء مهما رغم ذلك، وسيبقى تحديد الأسر التي ستستفيد عقبة كبيرة، وذلك بسبب كثرة المحتاجين وتغلغل الزبونية وجشع كثيرين ممن لا يحتاجون مثل هذه المساعدات.
ـ تحمل الدولة كافة الضرائب عن الزيوت والقمح والحليب المجفف والخضروات والفواكه طلية ما بقي من السنة، وهو ما شأنه أن يخفض ثمن هذه المواد الأساسية، وهذا الإجراء مهم جدا وستخسر فيه الدولة مبالغ كبيرة، ولكن تطبيقه يحتاج استعدادا مسبقا من التجار للتخفيض مقابل هذا الإعفاء، وكذلك رقابة صارمة من الطرف السلطات.
ـ تحمل الدولة فواتير المياه والكهرباء عن الأسر الفقيرة طيلة شهرين ولعل أصعب ما في هذا الإجراء هو تحديد الأسر الفقيرة رغم أنها أغلبية المواطنين.
ـ كذلك تحمل الدولة كافة تكاليف المياه في القرى، وأخشى أن يصطدم هذا الإلتزام بعطش كبير في القرى ونداءات من هنا وهناك يريد أصحابها الماء ولو بدفع مقابله.
ـ تحمل الدولة الضرائب البلدية عن اصحاب الانشطة المهن الصغيرة ولا أظن هذا الإجراء يكفي نتيجة ضعف دخل أغلب هؤلاء في ظروف كهذه، لذلك كان من الوارد تشجيعهم بدعم مالي من أي نوع
ـ تحمل الدولة الضرائب والإتاوات عن أرباب الأسر من الصيادين التقليديين وهو إجراء لا شك إيجابي لكنه غير كاف، فالصيادون التقليديون لديهم الكثير من المشاكل كانوا يطالبون بحلها قبل هذا الواقع الذي زادها صعوبة.
أمور غابت
وقد غابت أمور مهمة عن خطاب الرئيس وعن الاجراءات المهمة التي اتخذت سواء منها ما أعلن هو عنه، أو ما قام به البنك المركزي اليوم ـ وهي إجراءات تساعد كثيرا ـ ومما غاب: أي إجراء يتعلق بصغار الموظفين واصحاب الرواتب الضعفية خاصة قطاع الصحة والتعليم والقطاعات والأمنية والعسكرية وموظفي الشركات والإدارات الأخرى، وكثير من هؤلاء تعتمد عليه أسر فقيرة أو ضعيفة، وكان من الوارد مساعدتهم، خاصة أن من بينهم من يتصدر المعركة الآن مثل عمال وموظفي قطاع الصحة والنظافة الخ.
كما غابت مشكلة الموريتانين العالقين خارج البلد، وبعضهم يعاني ظروفا صعبة للغاية تستدعي تدخل الدولة للسماح له بدخول وطنه أو بتوفير ظروف مناسبة له للبقاء حيث هو، ونتمنى أن تكون هذه الإجراءات وغيرها من النواقص تدخل ضمن ما أشار إليه الرجل من إجراءات قد تتخذ لاحقا.
كما غاب أي نقص أو تخفيض يتعلق بثمن الوقود، وهو نقص منتظر ومطلوب في ظل انخفاض سعر النفط عالميا انخفاضا كبيرا قد يعوض فارقه جلَ ما قامت به الدولة، ومن شأن هذا التخفيض لو حصل المساعدة في خفض تكاليف النقل خاصة مع ما أمرت به السلطات مؤخرا من تقليص عدد الركاب في وسائل النقل.
التبرع مطلوب
إن الإعلان عن صندوق خاص للتكافل ومفتوح أمام الفاعلين الاقتصاديين المحليين، والشركاء الدوليين، فكرة تستحق دعم ومساعدة كل من يستطيع وخاصة رجال الأعمال واصحاب الثروة بجميع أنواعها، وإن كان الصندوق مفتوحا أمام الأفراد فمن الوارد مطالبة أصحاب الدخول الجيدة والحسنة والمقبولة التبرع له بما يمكن، ولا يُستقل أي جهد في هذا الإطار.
"فلينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا".
شخصيا سوف أتبرع لهذا الصندوق بمبلغ 1000000 أوقية قديمة، إن كان يستقبل تبرعات الأفراد، وإلا سوف أتبرغ بها عبر قنوات أخرى إن شاء الله.
طوق النجاة
ختاما، يمكن القول إن ما تفضل به الرئيس في خطابه مطلوب ومهم، وتبقى آلية التننفيذ هي التحدي الأبرز، كما أن كل ذه الاجراءات وغيرها مما اتخذ أو سوف يتخذ لن تكون ذات أهمية ما لم نلتزم جميعا بطوق النجاة وهو الوقاية من خلال الالتزام الصارم بتعليمات السلطات الصحية والإدارية بخصوص الحذر والحيطة والنظافة وغيرها.
حفظكم الله جميعا ولا أرانا ولا أراكم مكروها في الأنسان ولا في الأوطان