شيخ بومْديدْ
حدّث سيداتي ول آبّ يرحمه الله قال سأتحفكم الليلة بقصة لم أروها من قبل وهي تجسد الكرم الحقيقي الذي لا يعلنه أهله: أصابتني فاقة فاستأذنت رئيس القبيلة في الذهاب إلى الشيخ محمد عبد الله بن آده البوساتي فجئت بومديد على جمل يكاد يموت من الهزال والتعب وأنا في أشد الحال، ولما تراءت حضرة الشيخ، وجدتني فجأة بين رجال يسلّمون عليّ وكأن هناك من أخبرهم بمقدمي مسبقا ولا أدري كيف خرجوا و لا من أي الجهات، وأنزلوا رحلي وأخذوا بخطام جملي وذهبوا به، وساروا أمامي وأدخلوني بيتا من الطين فيه فراش لين حسن وأخذوا آلتي (تيدنيتي) ولم يلمسوها بل لفوها في قطعة من قماش وأسندوها إلى واحد من أركان البيت، وجاؤوني بشراب (متقون) ثم نمت من شدة التعب وكان الوقت أول الضحى ثم أيقظوني بلطف فوجدت بين يدي جديا مشويا وبالقرب منه أدوات الشاي (ومجمر ملتهب يجلس عليه مغرج يطلك اسبولتو، فطعمت وتييت)، ثم لما أرخى الليل سدوله جاؤوني بإناء كبير قد امتلأ حليبا، فشربت حتى ارتويت ونمت حتى الصباح فتكررت الضيافة بالحليب واللحم والشاي الجيد والحليب ليلا حتى أكملت بضعة أيام، فجاءني رجل من التلاميذ وقال: الشيخ يبلغك السلام ويودعك، فاستغربت أنه لم يقدّم لي شيئا، ثم سار أمامي حتى كدت أخرج من الحضرة، فرأيت جملي وقد صار في أحسن حال وهو موقور بالحبوب والحاجات الطيبة ومعه عدة جمال كلها كذلك، ثم سلمني شيئا من النقود، وسار معي مودعا حتى أخذت الطريق إلى موطني، وصرت أعجب من كرم هذا الشيخ وتلامذته و أعجب أكثر من أنهم لم يسألوني عن اسمي ولا من أين جئت ولا عن بغيتي ومطلبي.
رحم الله الجميع
حماه الله ولد السالم