كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى واشنطن، لم تخلُ من لحظات حرجة، في الكواليس، رغم الود الذي أبداه دونالد ترامب، لضيفه، في العلن، أمام الصحفيين.
ووفق الصحيفة فقد دخل أردوغان في مشادات ونقاشات حادة، مع أعضاء بارزين في الحزب الجمهوري، داخل المكتب البيضاوي، يوم الأربعاء، وتلقى الرئيس التركي، انتقادات حادة بسبب عمليته العسكرية، شمالي سوريا.
وحرص خمسة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، على إيصال رسائل واضحة وشديدة اللهجة، إلى أردوغان بشأن الاجتياح الذي قام به شمالي سوريا، في أكتوبر الماضي.
وأوردت "نيويورك تايمز"، أن أردوغان اصطحب معه جهاز "آيباد" إلى اجتماع البيت الأبيض، وعرض مقطع فيديو أظهر "جرائم" مزعومة لوحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستاني، على حد وصفه.
وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يسعى إلى الانفصال عن تركيا، وتصنفه السلطات التركية ضمن خانة المنظمات الإرهابية.
وفي المقابل، تتعاون واشنطن بشكل وثيق مع قوات سوريا الديمقراطية؛ وهو تحالف عسكري يضم "وحدات حماية الشعب الكردية" التي لعبت دورا مهما في الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.
وخلال اللقاء حاول أردوغان أن يقنع المسؤولين الأميركيين، بأنه ليس مناوئا للأكراد، كما يجري تصوير ذلك، وأكد أنه معاد فقط للجماعات الكردية التي تهدد الأمن القومي التركي، بحسب قوله.
وقال أردوغان للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، أثناء العودة إلى تركيا، إن نظيره الأميركي فوجئ مما رأى في مقطع الفيديو، لكن هذه المفاجأة التي تحدث عنها الرئيس التركي لم تمنع السيناتور الجمهوري البارز، ليندسي غراهام، من انتقاد الغزو التركي لشمالي سوريا.
رسائل ووعيد
واستخدم غراهام عبارة "غزو" لوصف ما قام به الجيش التركي، شمالي سوريا، وقال لأردوغان "ما قمت به كان غزوا، لقد حذرتك وطلبت منك ألا تفعل ذلك، لكن كل ما كنت أخشاه حصل بالفعل".
ويرى المحللون في واشنطن أن ترامب أراد من هذا اللقاء الموسع الذي شمل أعضاء من مجلس الشيوخ، أن يوصل رسالة إلى أردوغان، مفادها أن البيت الأبيض يواجه ضغطا كبيرا من الكونغرس بسبب الغزو التركي وإقدام أنقرة على شراء منظومة الدفاع الصاروخية "إس 400" من روسيا، الخصم الاستراتيجي الأكبر للولايات المتحدة.
ودعا ديمقراطيون وجمهوريون في الكونغرس إلى فرض عقوبات على تركيا العضوة في حلف شمالي الأطلسي، والتي أحدثت تغييرا كبيرا في سياساتها بعهد أردوغان، تمثل بالتقارب مع روسيا والابتعاد عن نهج الديمقراطية ودولة القانون.
وجرى لقاء ترامب وأردوغان، بحضور خمسة أعضاء في مجلس الشيوخ، وهم ليندسي غراهام، وجوني إرنست، وجيم ريتش، وتيد كروز وريك سكوت، وقد أجمع السياسيون المقربون من ترامب على انتقاد أردوغان.
ويرى أيكان إرديمير، وهو عضو سابق في البرلمان التركي وباحث في الوقت الحالي بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، أن هذا اللقاء أتاح للرئيس أردوغان أن يعرض وجهة نظره.
وأضاف إرديمير، أن ترامب انتهز هذه الفرصة، حتى يضع أردوغان في الصورة، وكي يخفض سقف التوقعات، بشأن ما يمكن أن يحصل عليه الرئيس التركي من الولايات المتحدة.
وكشف السيناتور ريتش، وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أنه نقل رسالة إلى أردوغان مفادها أن مزاج الكونغرس ليس في صالح تركيا، وهذا الأمر دفع أردوغان إلى "لهجة دفاعية".
وأكد ريتش لأردوغان، أنه سيعمل فعليا على حرمان تركيا من استلام مقاتلات "إف 35"، ما دامت تركيا متمسكة بنظام الدفاع الصاروخي الروسي "إس 400".
ويقول مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، إن تشغيل طائرات "إف 35" على مقربة من نظام دفاع روسي، من شأنه أن يشكل خطرا داهما على المقاتلات الأغلى في التاريخ الأميركي.
أردوغان في واشنطن.. انقلاب ديمغرافي وانفصال عن الناتو
وأوضح أعضاء مجلس الشيوخ، أن تركيا قد تتعرض لعقوبات بموجب قانون "كاتسا" الذي جرى إقراره في سنة 2017، من أجل معاقبة من يتعاملون مع خصوم الولايات المتحدة.