إلى الرأي العام الوطني
في الثاني من يونيو 2019 تقدم مرشحنا الرئاسي السيد محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الشعب الموريتاني ببرنامج انتخابي عبر عن فهم عميق لواقع البلد وانشغالات الشعب واحتياجات التنمية وتحديات المرحلة وتأثيرات تراكم مختلف سياسات الأنظمة المتعاقبة، كل بما له وبما عليه، وفي الثاني والعشرين يونيو 2019 نال ثقة غالبية الشعب الموريتاني رئيسا للجمهورية، في جو ديمقراطي شفاف لم يمسسه مطعن.
وما إن تسلم مقاليد الحكم في فاتح أغشت 2019 حتى تبين أن البلد يتهيأ فعلا لانطلاق مرحلة جديدة أذنت بجو من الانفتاح والتواصل والتجاوب بين السلطات ومختلف أطياف الطبقة السياسية، وأخذت هواجس حقب من التنافر والتنابذ تندمل أو تكاد، وتفيأ المشهد السياسي ظلالا من الهدوء والاطمئنان والاحترام المتبادل
كان ذلك، ولا يزال، مكسبا وطنيا حقيقا بتضافر الجهود لبناء جسم وطني يجسر الفجوات بين مختلف أطراف المشهد بكامل مؤثثاته، يُرَشِّد قنوات التدافع السياسي والتجاذب الاجتماعي بقيم الانفتاح وأخلاقيات الاعتراف المتبادل بالرأي والرأي الآخر.
وربما على حق أولئك الذين يعتبرون أن إنجازات العامين المنصرمين من حكم الرئيس ، لو اقتصرت على هذا الجو السياسي الهادئ وهذا الانفتاح الشامل وتلك الأخلاق العالية التي طبعت إدارته للشأن العام لكفاه إنجازا؛ بيد أنما تحقق فيهما شاخص في كل مجال، يمكن الإشارة إلى أمثلة منه في بعض الميادين.
- ففي الميدان السياسي لا تفتأ النخب السياسية بغالبية مكوناتها المعارضة والموالية تُجمع على أن المناخ السياسي السائد جيد ومثمر، وترتقب في إطاره انطلاق تشاور وطني، على مرمى بصر، ليكرس جو الانفتاح والتفاعل الإيجابي، ويجمع بين مقاربات سياسية متعددة في تفاعل خلاق بين الموالاة والمعارضة.
- وفي ميدان التعليم بدأ ـ إلى جانب أمور أخرى (مثل زيادة الطاقم التدريسي بأكثر من 6000 مدرس وبناء قرابة 1000 حجرة ) ـ الشروع، ومنذ الوهلة الأولى، في إصلاح منظومتنا التعليمية من خلال مقاربة مهنية تشاورية ، ينتظر أن تتمخض عن إصلاح شامل قادر على إخراج تعليمنا من حالة التردي التي تراكمت عقودا عديدة..
- وفي الميدان الصحي تزامنت بداية المأمورية مع جائحة عالمية كانت تنذر بانعكاسات سلبية بالغة التأثير على المواطنين والفاعلين الاقتصاديين إلا أنه بفضل الله تم اتخاذ تدابير ناجعة مكنت من مواجهة مختلف آثارها التي اجتاحت العالم وسببت انهيار بنيات صحية واقتصادية لبلدان كثيرة منها دول أغنى ماديا وأقوى صحيا، إلى جانب إصلاحات طالت السلامة الدوائية واكتتاب مئات الأطباء والممرضين وتجهيز المستشفيات بدرجة ضاعفت سعة العناية المركزة أكثر من ثلاثين مرة ( من 6 أسرة إلى ما يزيد على 200 سرير مكتملة التجهيز).
- وفي الميدان الاجتماعي كان الاهتمام بقضايا المجتمع ومشاغله واضحا لا تخطئه العين المنصفة، تجلى في برنامج أولوياتي الموسع وتدخلاته المباشرة وإجراءاته الفورية وكان للفئات الهشة والشرائح المتعففة النصيب الأكبر من خلال إنجاز اجتماعي غير مسبوق في تاريخ البلد تمثل في تكفل الدولة بالضمان الصحي لأكثر من ستمائة (600) ألف مواطن ودعم ذوي الإعاقات المتعددة ومرضى الفشل الكلوي، مع توزيع إعانات مالية منتظمة لصالح قرابة ربع مليون أسرة ، إلى جانب مواصلة إعداد وتنفيذ برامج (داري) و(الشيلة) و(البركة) و(أمل) وغيرها.
- إن تشغيل قرابة عشرين ألف مواطن في غضون سنتين فقط في جو عالمي يطبعه الكساد الاقتصادي وتسريح العمال وإفلاس المؤسسات لإنجاز جدير بالتنويه.
وليس على المرء أن يكون عبقريا كي يفهم أن حصول الدولة الموريتانية على محو فوائد ديون دولة الكويت الشقيقة البالغة قرابة مليار دولار إنجاز تاريخي ظل حلم الأنظمة المتعاقبة.
إن الذين يغضون أبصارهم عن ورشات البناء في الطرق والجسور والسدود والمدارس والمعاهد والمستشفيات الجاري تشييدها في معظم أنحاء البلاد بهدوء وبدون جعجعة، إنما هم بذلك يكظمون حقائق شاخصة لا تنصرف عدما بغض نظر المتجاهلين أو نكرانهم.
ولسنا بصدد الزعم بأن كل حاجات المواطن تم بلوغها فمستويات الطموح عالية والتطلعات كبيرة والتحديات جسيمة، لكن مسار العمل على تحقيق هذه المشاغل جار بخطى ثابتة وحثيثة.
إن رغبة أي إنسان في أن تناله في وظيفته ترقية او عقد بامتياز أو يحظى بحفنة من المتابعين عبر الفضاء الافتراضي طموح مشروع لكنه يظل شخصيا لا يستقيم معيارا لتقييم الأداء العمومي ولا مرجعا للحكم على إنجازات ماثلة، كما لا يكفي ليتحول النظام في طرفة عين إلى أبشع الصور أو يصبح البلد في أسوا الأوضاع، ومن المؤسف أن يكون الفضاء الإعلامي الوطني مساهما مباشرا في إنعاش هذه الظاهرة المرضية جراء تعرضه لما يشبه الاختطاف من لدن زمرة آحاد أشباه إعلاميين ومدونين تنقص غالبيتهم المهنية والكفاءة والمسؤولية، يصطادون بمختلف الشباك ويتغذون من سخط الغاضبين والحانقين والطامحين.
والمؤسف أكثر أن يتنازل المثقفون والأطر عن مسؤولياتهم في هذا الميدان ويبقوا متفرجين تاركين الرأي العام للذين لا يراعون في قول الحق ولا في الواجب الوطني إلا ولا ذمة، يملؤون صفحاتهم ومنصاتهم بزبد سرعان ما تنقشع فقاعاته عن زيف ظاهر وتحامل بيّن. (ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا إن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) صدق الله العظيم.
وانطلاقا من ذلك فإن الواجب الوطني يستحث النخبة السياسية والثقافية والإعلامية للمشاركة الإيجابية في صناعة رأي عام وطني يدعم تحقيق التنمية الشاملة الجارية ويعزز اللحمة الاجتماعية بعيدا عن التزلف والمحاباة والتكسب.
وتأسيسا عليه ووعيا بمتطلباته نعلن نحن مجموعة من الأطر والمثقفين إرادتنا الحرة والمستقلة في ولوج الفضاء الإعلامي الوطني لتزويد الرأي العام بالصورة الصحيحة للأحداث الوطنية والانجازات المتلاحقة ومواجهة محاولات تشويه الوقائع وتحريف الحقائق وتحريض العامة، سبيلنا الكلمة الصادقة والحجة الدامغة والدليل الساطع.
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون
صدق الله العظيم
نواكشوط في 26/10/2021
مجموعة أطر