بلغني للتو نعي فقيد الجود و الكرم المشمول برحمة الله رجل الأعمال محمد محمود ولد بوكَه . الرجل المنفق المعطاء ، الشخص الذي عرفته أيام الدراسة في الصين، يصرف من ماله ويعطي المحتاج بسخاء و يتكفل بعلاج المرضى و يفرح الغارم و ابن السبيل . فكان درع الجالية هنالك و صوتها و حيث يعتصم الناس خوفا من ذلة الغربة و مهانة المهجر وإكراهاته . لقد زرته مع زميل لي دون سابق معرفة، شتاء 2005 في منزله في الصين غير بعيد من مكتبه التجاري ، لما سمعت عنه من زهد و إحسان و عمل خير …. فكانت المروءة و إكرام الضيف و طلاقة الوجه و الخلق العظيم من جميل خصاله ، التي تحلَّى بها طوال حياته . فيطعم الضيف بأفضل ما في المدينة مما لذ و طاب ، مع الكلمة الطيبة، والحوار اللطيف و الشيق ، والسؤال عن أحوال الضعيف و المحتاج و طلاب الجامعات ، فيدخل على ضيوفه البهجة، و السرور و ينسيهم بفضله مشقة السفر و الغربة و إجهاد البحث العلمي . يوم غادرنا منزله إلي أماكن دراستنا بعد انقضاء العطلة الشتوية ، فاجأنا المغفور له بتذاكر سفر لكل واحد منا مع قدر معتبر من العملة الصينية اليوان " يعينه في العودة لجامعته بل تزيد عن ذلك فترة طويلة . أصر على أن نأخذ ما أعطى و رفض أي تسوية لا تضمن ذلك ، و كأنه لا يرى ماله إلا أعطية خصصت لغيره !
فينطبق عليه حقا قول الخنساء في رثاء شقيقها ؛
ولا تراهُ وما في البيتِ يأكلهُ @ لكنَّهُ بارزٌ بالصَّحنِ مهمارُ
ومُطْعِمُ القَوْمِ شَحماً عندَ مَسغبهم @ وفي الجُدوبِ كريمُ الجَدّ ميسار .
اللهم اغفر لبسيط اليدين وندي الكف محمد محمود ، اللهم ارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واجعل قبره روضة من رياض الجنة وأسكنه الفردوس الأعلى.
أبباه الصالح.