ثورة شعبية بالسنغال ضد إعادة فرنسا استعمارها من بوابة الاقتصاد : بحسب ميديا بارت

8. مارس 2021 - 11:44

وسط موجة من الغضب استهدفت متاجر أوشان ومحطات توتال وغيرهما من المصالح الفرنسية، واتهام لنظام الحكم برعاية المصالح الأجنبية؛ تعيش جمهورية السنغال وضعا من التمرد لم يسبق له مثيل، ولم تصل إليه حلقات العنف في نهاية رئاسة عبده ضيوف (1981-2000) ولا عبد الله واد (2000-2012).

وقال موقع ميديا بارت (Mediapart) الفرنسي إن اعتقال عثمان سونكو، الخصم السياسي للرئيس السنغالي ماكي سال، أطلق شرارة هذا الغضب الذي بدأ بمظاهرات عفوية، وسرعان ما تحولت إلى أعمال شغب، قُتل فيها حتى الآن 4 أشخاص، ونُهبت ممتلكات خاصة وأبنية تضم وسائل إعلام، ومنها شركات فرنسية تحديدا.

بدأت القصة -كما تقول الصحفية فاني بيجو في تقريرها للموقع- عندما ألقي القبض على النائب سونكو (46 عاما)، المصنف الثالث في الانتخابات الرئاسية لعام 2019، إثر شكوى "اغتصاب وتهديدات بالقتل"، قدمها في أوائل فبراير/شباط الماضي موظف في صالون للتدليك، إلا أن محامي النائب وأنصاره رأوا في الإجراء "مؤامرة غير مدروسة" لإقصائه من السباق الرئاسي لعام 2024.

خصم مزعج
وتعززت هذه الشكوك بفعل السرعة التي تمت بها الإجراءات، حيث وُضع جدار أمني حول منزل زعيم حزب باستيف هذا، بمجرد تقديم هذه الشكوى، وسرعان ما رُفعت عنه الحصانة البرلمانية، خاصة أنه ليس سرا -حسب بيجو- أن سونكو يزعج الرئيس ماكي سال الذي يشاع أنه ينوي الترشح لولاية ثالثة.

ويدعو سونكو -مفتش الضرائب السابق الذي فُصل من الخدمة المدنية لاتهامه علنا ​​شخصيات بالاستفادة من مزايا ضريبية غير قانونية، من بينهم شقيق الرئيس- إلى إدارة أفضل، وينتقد إدارة السلطات للنفط والغاز، ويشجب نظاما مبنيا على إرضاء الأجانب وأقلية من السنغاليين، حسب رأيه.

ويناضل هذا السياسي الذي يستخدم لغة جديدة في المجال السياسي السنغالي، من أجل المزيد من السيادة الاقتصادية والنقدية، وهو أحد السياسيين القلائل في أفريقيا الناطقة بالفرنسية الذين طالبوا بإصلاح العلاقات مع فرنسا، خاصة في ما يتعلق بالتبعية لمنطقة الفرنك التي تسيطر عليها الدولة الفرنسية.

ويحظى خطاب سونكو -حسب الكاتبة- بشعبية كبيرة لدى جزء مهم من الشباب، الذين يمثلون نصف السكان تقريبا، ويبدو متحمسا لفكرة إنهاء "النظام الاستعماري الجديد"، و"الهيمنة الأجنبية الفرنسية"، خاصة أن ماكي سال منذ انتخابه عام 2012 حافظ على علاقات وثيقة مع باريس، ونشط عدد من الشركات الفرنسية في البلاد؛ مما يعطي انطباعا "بعودة الاستعمار الاقتصادي".

وكمثال جيد على ما ينتقده السنغاليون، أبرزت الكاتبة مشروع القطار السريع لربط داكار بمطار بليز دياني الدولي، حيث يتم بناؤه بسعر باهظ (1.3 مليار يورو لمسافة 55 كيلومترا) وستشغله شركات فرنسية بشكل أساسي، كما أن السنغال مدينة لفرنسا بمبلغ 230 مليون يورو لتمويله، وهو لا يخدم إلا قلة من السنغاليين الذين يؤثر الفقر على ما يقرب من 40% منهم.

اعلان
على درب مواردهم
ونبهت الكاتبة إلى أن الشباب السنغالي -الذي سُدت دونه الآفاق- اختار الكثير منه الهجرة، وركب قوارب الموت إلى أوروبا، ويفسر سونكو ذلك بالقول إن السكان يسلكون "نفس المسار الذي تسلكه مواردهم"، مضيفا أن "تسوية قضية الهجرة غير النظامية لن تتم أبدا ما دامت الدول الأجنبية تأتي لنهب مواردنا بتواطؤ نخبنا".

ولذلك -تقول الكاتبة- ليس من الصدفة استهداف مخازن أوشان وأورانج ومحطات توتال، خاصة أن مئات الصيادين عبروا في نهاية عام 2020 عن محنتهم بعد تجديد اتفاقيات الصيد مع الاتحاد الأوروبي، معتقدين أنها غير مناسبة لهم.

وذكّرت الكاتبة بتحذير سابق للخبير الاقتصادي ندونغو سامبا سيلا، الذي قال فيه إن "الشباب يتزايد بشكل مطرد والنظام يقول له "ليس لكم مستقبل"، مما يعني أننا "إذا لم نتحرك عاجلا أو آجلا، نحو إصلاحات جريئة لمزيد من الديمقراطية، ومزيد من السيادة، ومزيد من الحريات؛ فإن النظام سينهار من الداخل"، وهكذا فإن النموذج الديمقراطي السنغالي الذي يتم التبجح به اليوم بدأ يكشف عن عيوبه العديدة.

يضاف إلى هذه المشاكل القائمة -حسب بيجو- ما أدت إليه الإجراءات القاسية المتخذة في سياق مكافحة وباء كوفيد-19، مع فرض حظر التجول، إلى تصدع الهيكل أكثر لإضراره بالعديد من العمال في القطاع غير الرسمي، وهذا ما عزز الإحباط.

ورغم كل شيء، تحافظ الحكومة في الوقت الحالي على خطها، حيث ألقى وزير الداخلية أنطوان فيليكس عبد الله ديوم اللوم على المتظاهرين، مشيرا إلى "أعمال ذات طبيعة إرهابية"، واتهم سونكو بالمسؤولية عن أعمال العنف، و"بالإخلال بالنظام العام"، في حين تخطط أحزاب المعارضة وحركات المجتمع المدني لاحتجاجات جديدة اليوم الاثنين.

المصدر : ميديابارت

استطلاع رأي

اختر مرشحك المفضل في 29 مايو
محمد الشيخ الغزواني
89%
محمد الأمين المرتجي الوافي
0%
حمادي سيدي المختار محمد عبدي
7%
أوتوما انتوان سلیمان سوماري
4%
مامادو بوكار با
0%
العيد محمدن امبارك
0%
برام الداه اعبيد
0%
مجموع الأصوات : 27

ghalleryy