هذا الرجل المحاط بأطفاله الصغار، في الصورة المرفقة، ليس ضحية إعصار ولا زلزال، وإنما ضحية تسيب وظلم صارخ، يحدث في مدينة نواكشوط، إنه أحد المنسيين على الهامش، لا سند له ولا ظهير، سأحكي لكم قصته المؤلمة:
قبل أكثر من أسبوع، زارني في المكتب، على أنه صاحب مظلمة، يبحث عن من يساعده لاستعادة حقه، وإيصال مظلمته إلى الجهات المعنية حتى تنصفه.
يقول الرجل إنه يقيم في قطعة أرضية بمقاطعة توجنين، منذ 2008، حاول بشتى الطرق أن يحصل على ملكيتها، ولكنه عجز عن ذلك، مؤكدًا أنه طلبت منه رشوة في سبيل ذلك لا يملكها، فبقي قاطنا في القطعة التي لا يملكها، رغم أنه تقدم بطلب ملكية باسم ابنه «عالي ولد محمد فال».
طيلة هذه الفترة، كان الحكام ولجنة (لادي) يتغاضون عنه، ويتركونه مقيما في القطعة الأرضية، لأنه بشهادة السكان هو أقدم قاطن لها، ولا أحد ينازعه في ملكيتها، ويتعاطفون مع وضعه كرجل كبير في السن يعيل أسرة أغلبها أطفال صغار، ولكنهم مع ذلك لم يمنحوه وصل ملكية القطعة الأرضية !
قبل أيام ظهر شخص بحوزته وصل ملكية للقطعة الأرضية، ولكنه وصل غير شرعي، سبق أن عطلته لجنة (لادي)، بسبب أن القطعة الأرضية يقطنها مواطن أقدم من المدعي.
عندما سمعتُ منه هذه القصة، قررت أن أطرق معه أبواب المعنيين بالموضوع، قبل أن أكتب أي حرف، أولًا لأتبين صدق روايته، وثانيًا لأتيح فرصة لتصحيح الوضع.
طلبت موعدا مع وزيرة الإسكان، فوافقت جزاها الله خيرًا؛ شرحت لها القصة، اتصلت الوزيرة على مديرة (لادي) وطلبت منها أن تحدد لها إن كانت القطعة الأرضية المعنية مسجلة باسم مواطن، فردت عليها أنها غير مسجلة باسم أي مواطن، وإنما هنالك طلب ملكية قديم باسم «عالي ولد محمد فال»، نجل الرجل المظلوم.
طلبت الوزيرة من الرجل أن يعود إلى أرضه في انتظار أن تصله بعثة للمعاينة، في إطار إجراءات تسوية الوضعية، إلا أن مفاجأة كانت تنتظره، حين لجأ الشخص الذي يدعي ملكية القطعة إلى الإدارة الإقليمية ممثلة في حاكم توجنين، الذي أرسل قوة عمومية أزالت عريش الخشب الذي كان يقطن فيه الرجل وأسرته منذ أكثر من عقد من الزمن، وسمحت للشخص المدعي أن يشيد عريشا جديداً.
وهكذا بقي الرجل وأطفاله في العراء، فتنادت الأسر المجاورة (جزاها الله خيرا) لاحتضانهم في الليل وحمايتهم من البرد وعمليات التلصص، فيما يقضون يومهم يلتحفون السماء ويفترشون الأرض.
مساء الخميس الماضي التقى الرجل المظلوم بمديرة (لادي) وشرح لها ما حدث، فردت عليه قائلة: «لا يحق لحاكم توجنين أن يتحرك في الملف من دون أمر من السلطات المعنية (لادي)»، وطلبت منه أن يتوجه إلى القطعة الأرضية وستصله بعثة للمعاينة.
حتى اليوم.. ما يزال هذا الرجل وأطفاله الصغار في العراء، بعد الاستحواذ على قطعة أرضية يقيم فيها منذ 2008، بشهادة جميع الجيران وبشهادة من (لادي)، إلا أنه وللأسف من فئة المغبونين الذين لا سند لهم، يطحنون كل يوم دون أن ينتبه لهم أحد.
إن ما يخيفني على هذا البلد هو دعوات المظلومين فيه !!
رقم هاتفه: 49828950
نقلا : عن صفحة المدون شريف ببان