سادت أجواء من التوتر غير المسبوق في لبنان بين رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
التوتر بدأ بتقرير مطول نشرته صحيفة "الأخبار" المقربة من حزب الله، نقلت فيه على لسان عون انتقاده اللاذع لدور الحريري في تعطيل الحكومة، وعدم تأليفها.
وجاء في التقرير أن عون قال مشيرا إلى الحريري دون تسميته: "هناك مَن لم يعتد على احترام صلاحيات الرئيس. لكن ثمة مَن لم يُلمّ بها ويريد الآن فرض إرادته أو يتصوّر أنه قادر على ذلك".
ويضيف عون بحسب "الأخبار": "في أحد اجتماعاتي مع الرئيس سعد الحريري، قال لي إنه الرئيس المكلف، وهو مَن يؤلف الحكومة كلها. طبعاً هذا لم أسمح به قبلاً، ولا الآن. بحسب المادة 53، رئيس الجمهورية شريك أساسي في تأليف الحكومة، وفي الموافقة على كل اسم مرشح للتوزير".
ويتابع: "لا حاجة إلى أن أدعوه كي يأتي إلى هنا. قلت له قبلاً أهلاً وسهلاً به في بعبدا، عندما يريد أن يأتي ومعه مشروع حكومة غير الذي أتى إليّ به في آخر اجتماع بيننا في 23 كانون الأول. أتى بمسوّدة من 18 وزيراً، غير متوازنة، رفضتها. عندما يفكر في صيغة جديدة، أبواب بعبدا مفتوحة للرئيس المكلف. أما إذا أصر على مسودته تلك، فالأمر شأنه هو".
وذكرت الصحيفة أن عون رفض مشاركة الحريري له بتسمية الوزراء المسيحيين، في الوقت الذي سمح فيه لبقية الطوائف بتسمية وزرائهم بأنفسهم.
وتضيف الصحيفة أنه "ليس سراً أن أولى إشارات عدم التعاون والثقة بين الرجلين، بدأت يوم أسرّ الرئيس المكلف إلى رئيس الجمهورية رغبته في صرف النظر عن التحقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان. سأله عن سبب معارضته، فإذا بجواب الحريري مباغت: (كي تحصل الحكومة على الثقة في مجلس النواب، ينبغي صرف النظر عن التحقيق الجنائي. الرئيس برّي ووليد جنبلاط لا يمنحان الحكومة الثقة في ظل التحقيق الجنائي)".
اقرأ أيضا: تواصل احتجاجات طرابلس وحرق مبنى البلدية والحريري يعلق (شاهد)
الحريري غاضب
سعد الحريري بدوره أصدر بيانا غاضبا بشدة من عون، إذ عتب عليه بالبداية وعلى مكتب الرئاسة الإعلامي بعدم تأكيد أو نفي المعلومات الواردة على لسان الرئيس في صحيفة "الأخبار".
وفنّد الحريري جل النقاط الواردة في تقرير "الأخبار"، مدعيا أنها غير صحيحة.
وقال: "الواضح من السياق الكامل للكلام المنسوب، أن دوائر قصر بعبدا تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفية، وهي تنزع بذلك عن رئيس الجمهورية صفة تمثيل اللبنانيين بمختلف أطيافهم، لتحصر هذا التمثيل بمسؤوليته عن حصص المسيحيين في الدولة والسلطة والحكومة".
وأضاف: "لعل دوائر القصر تعلم، ولا تريد أن تعترف، بأنه ليس سعد الحريري من يفرّط بحقوق المسيحيين ودورهم ومكانتهم في الدولة والسلطة والمؤسسات، وإلا لما كان العماد ميشال عون في موقع رئاسة الجمهورية الآن".
وحذر الحريري من أن "نقل الخلاف السياسي إلى ساحة التطييف، محاولة غير موفقة ومرفوضة ولن تمر، لتنظيم اشتباك إسلامي - مسيحي، يفترض البعض أنه أقصر الطرق الموحلة لتعويم من يريدون تعويمه وتعبيد طريق بعبدا للإرث السياسي".
وحول زعم "الأخبار" أن الحريري اشترط على عون وقف التحقيق الجنائي في قضية مصرف لبنان، قال رئيس الحكومة: "يبدو أن فخامة الرئيس نسي أو تناسى أن مجلس النواب أقر بالتحقيق الجنائي في 20 كانون الأول، ووافقت عليه كتلة المستقبل إلى جانب كتلتي الرئيس برّي والوزير جنبلاط، وربما نسي فخامته أو تناسى أيضاً أنه كان أول من بادر إلى الإشادة بقرار مجلس النواب. وفي الحالتين، يكون إن تناسى مصيبة، وإن نسي فالمصيبة أعظم".
وتابع: "فأية مخيلة تصنع للرئيس كل ذلك لتبرر له أمام اللبنانيين سياسات التعطيل؟ وأي عقل هذا الذي يريد اشتباكاً طائفياً بأي وسيلة تارة مع هذه الجهة وتارة أخرى مع تلك".
وأضاف محذرا: "أساليبهم لن تقطع معنا بعد اليوم، ولن نعطيهم فرصة الفرحة بأي اشتباك إسلامي - مسيحي، ولكل مقام مقال إذا شاؤوا".
بيان صادر عن المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري بشأن الكلام المنسوب الى الرئيس ميشال عون pic.twitter.com/LKOoieAfp8
— Saad Hariri (@saadhariri) January 29, 2021