كثر اللغط مؤخرا في مسارات التحقيق التي تسلكها اللجنة البرلمانية مما أدي إلي ارتكاسة ترضية إن لم نقل التمسح بأقدام من سيطاله التحقيق لا محالة في المقام الثاني إن لم يكن الأول إذا جرت التحقيقات وفق المنطق .
و لا أريد أن يفهم من هذا الكلام عرقلة التحقيق مع الرئيس السابق لأنني من أول ضحاياه المباشرين و إنما أسعي إلي أن ينمو التحقيق نموا طبيعيا ككل الكائنات حتي يصل إلي نهايته , بحيث يمس الطبقات الدنيا من المفسدين أولا ليتدرج إلي من فوقهم بشكل ينهي الفساد من جذوره حتي ننجح في تنقية الدولة من سوس الفساد المنتشر أكثر في الطبقات الدنيا من الموظفين الذين هم في الحقيقة الحاضنة القوية للفساد .
و سيمكننا هذا السير من استحداث القوانين و الهيئات اللازمة له بالتدرج الذي يمنع ردات الفعل السريعة و يقترب فيه التصور أكثر من أبعاد الفساد فالحكم علي الشيء فرع عن تصوره .
إن الذي يريد أن يقطع شجرة لا يصعد إلي قمتها و إنما يتولي قطع الجذر و بعدها يستفيد من الأغصان كما يشاء , و هذا هو المنطق الطبيعي للأشياء و غيره استهداف واضح قد تكون الغاية منه افشال العملية برمتها لتتحول إلي ملهاة كباقي الملاهي التي شغلت الناس عن وعي ما يجري من حولهم بدرجة جعلت وزيرا نافذا في العشرية الماضية يتساءل عن طبيعة النظام الذي كان عضوا فيه في الوقت الذي أوضح قريبه و زميله المرحوم الشيخ ولد حرمه طيب الله ثراه أنه كان مسارا حانوتيا بامتياز رحمه الله ما أشجعه و ما أصدقه و أنا علي ذلك من الشاهدين و سأنشر أدلة ذلك لاحقا إن شاء الله .
إن عمليات الفساد التي طالت جميع الميادين ينفذها البوابون و السكرتاريا و الحراس و الكاتبون علي الآلة الطابعة و رؤساء المصالح و الأقسام ...فبل أن يتم ختمها من طرف الوزير أو الرئيس . فلو لم يتعاون هذا الجمع من الناس و يتواطأ تحت أي مبرر لما حصل فساد ولو التزم كل شخص في السلم الإداري بأداء دوره طبقا للضوابط القانونية و لم يراع الأوامر غير القانونية التي يتلقاها من رؤسائه لما حصل فساد .
إنني أريد في ختام هذا الحديث أن أفتح ملفين بسيطين مرا على الناس دون أن ينتبهوا إليهما و كان تم تقييد الجرائم التي أصابت ضحاياهما ضد مجهول في الوقت الذي ترأسها مستشار للرئيس عينه فيما بعد وزيرا فقد كان يعقد اجتماعات دورية في الوزارات هدفها توضيح الطرق القانونية لتصفية العمال الحكوميين و يحضر هذه الإجتماعات أمين عام الوزارة و مفتشها العام م مدير المصادر البشرية و يرتكز الحديث علي أمور من بينها إصدار بلاغات في وسائل الإعلام الرسمية متأخرة بحيث لا يتمكن المتضرر من الفكاك من مفعولها , و يستطيع أي فرد التأكد من صحة هذه المعلومات من خلال الإطلاع علي أرشيف جريدة الشعب خاصة ما قبل فترة وفاة المرحوم ولد دحود الذي أربكت وفاته حسابات الحكم حينها .
و تندرج مسألة العمال غير الدائمين و قضية العميد في هذا السياق فقد كانت نية النظام تصفية خصومه و إبعاد أكبر عدد ممكن من موظفي الدولة من أجل الإستيلاء على أكبر عدد من الأموال الشيء الذي تجلي في الإلغاء المتكرر لبعض القطاعات الحكومية قصد الإستيلاء على ميزاتياتها كما حصل لثلاث كتابات للدولة تم الإستغناء عنها دفعة واحدة فجأة ليجد وزراؤها أنفسهم ممنوعين من الدخول لحضور مجلس الوزراء دون حتي علمهم بالخبر. هذا في الوقت الذي كان النظام يفتح فيه فرصا ثمينة لأتباعه في قطاعات الذهب و الصيد و سلطة التنظيم و الزراعة ....
أما المسألة الثانية فهي تصفية اكنام و البنك المركزي تحت عنوان إصلاحهما فأين أموال اكنام و أين شركتا السكر و الطيران اللتين ادعت جهة "التصفية" أنها أنشأتهما و أين أموال اكنام التي ذهبت ألي ج د د ؟ و لماذا كل ما حصل في اللبنك المركزي ؟
إنها بطولات أباطرة الفساد الذين تريد التحقيقات أن تبعدهم فهل يريد البرلمان الذي أنتجته حكومة الفساد أن يثبت لنا أنه
بريء و هو الذي تتحدث التقارير عن جرائم أغلب أعضائه ؟ و هل تريد الحكومة أن تثبت لنا أنها ترعي العدالة في الوقت الذي تأسست من مفسدين و لا تعين إلا مفسدين؟
هل استغباء الشعب أصبح معيارا للحكم ؟.
وكالة صحفي