حقل آحمييم المشترك بين المعلن والمخفي (1) / د.يربان الحسين الخراشي

30. سبتمبر 2019 - 8:19

حقل السلحفاة آحميم المشترك بين السنغال وموريتانيا هو حقل بحري للغاز الطبيعي  يقع في نطاق خطوط التماس للحدود البحرية بين البلدين على بعد حوالي 125 كلم من مدينة سان لوي السنغالية، يتميز الحقل بتركيبة جيولوجية من صافي رواسب الهيدروكربونات عالية الجودة  مخزونة في  تشكيلة رملية يعود عمرها إلى حوالي 120 مليون سنة، و يعد أكبر حقل للغاز الحر في شبه المنطقة.

ومنذ اكتشافه سنة 2015  على يد شركة كوسموس (Kosmos Energy)، والحديث عنه يكثر خاصة في وسائل الإعلام الغربية و السنغالية  أما في بلادنا فقد أدى تجاهل الإعلام الرسمي عن قصد أو من غير قصد له إلى أن يبقى المواطنين عرضة للشائعات و المغالطات، وهذا ما حدا بنا إلى كتابة سلسلة من المقالات سعيا منا للمساهمة في  تحديد المكانة الحقيقية العالمية  لحقل آحمييم المشترك دون مبالغه أو إنقاص.

(1) الاحتياطي

حسب تقرير شركة بي بي (BP) حول مراجعتها الإحصائية لقطاع الطاقة العالمي للعام 2019  يبلغ إجمالي الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي  في العالم حتى نهاية 2018 حوالي 6951.8 ترليون قدم مكعب، وهذا ما يعني أن الاحتياطي المؤكد لحقل احميم المشترك البالغ حسب شركة بي بي  15 ترليون قدم مكعب يشكل 0.21 % من إجمالي الاحتياطي العالمي، و يشكل 2.94% من الاحتياطي الإفريقي المؤكد البالغ حسب نفس  التقرير 509.6 ترليون قدم مكعب.

لكن شركة بريتيش بتروليوم (BP) التي تملك حقوق تسويق الغاز المسال المنتج من الحقل أبلغت السوق العالمي بإمكانية توصيل 50 تريليون قدم مكعب من الحقل، ويؤكد هذا التوجه تصريحات سابقة للسيد جاسبر بيجس (Jasper Peijs)  نائب رئيس عمليات التنقيب في شركة BP Africa، حيث قال: "إننا نعمل فقط على تطوير المرحلة الأولى من الغاز، لكننا حددنا بالفعل ما يكفي من إمدادات الغاز للمراحل اللاحقة"،  وأضاف أنه "هناك بئر ياكار  (Yakaar)، الذي كان أكبر اكتشاف للهيدروكربونات سنة  2017 حوالي 12 تريليون قدم مكعب، بالإضافة إلى اكتشاف تيرانجا (Teranga) إلى الشرق منه، و هو ما يضيف 30 إلى 50 تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي هذا في السنغال فقط."

أما في موريتانيا يضيف السيد جاسبر بيجس  "فقد حصلنا على الكثير من البيانات السيزمية (المسح الزلزالي) الخاصة بالتنقيب، وأنا متأكد من أنه من المحتمل جدًا أن نجد شمال حقل احميم المشترك  المزيد من الغاز"، و يبدو أن توقعات السيد جاسبر بيجس كانت في محلها، ويؤكد ذلك الاكتشافين الأخيرين لشركة كوسموس أنرجي الأمريكية المعلن عنهما فاتح يوليو الماضي و 23 سبتمبر الجاري.

كل هذه المعطيات  المعلنة تؤكد أن حقل السلحفاة احميم الكبير قد يكون أكبر بكثير من حجمه الحالي الذي تم الإعلان عنه رسميا، وقد يتم مستقبلا تأكيد احتياطات جديدة ترفع من مكانة السواحل الموريتانية السنغالية كمنطقة واعدة للغاز الطبيعي، وما اهتمام اللاعبين الكبار في مجال الطاقة  بالمنطقة  إلا خير دليل على ذلك.

(2) الإنتاج

يقع حقل آحمييم المشترك  على بعد حوالي 120 كلم من الشاطئ وعلى عمق أكثر من 2000 م تحت سطح الماء، سيتم تصميم نظام معقد من أنابيب الإنتاج وخطوط التدفق الموصولة بأربعة آبار إنتاج من أصل 12 بئر كمرحلة أولية، و هو ما سيمكن من نقل الغاز أولا لمسافة 80 كلم  إلى وحدة طافية للتخزين والتفريغ (FPSO) مصممة لمعالجة الهيدروكربونات الثقيلة، و عزل الشوائب والسوائل، ومن ثم يتم إرسال الغاز إلى منصة التسييل العائمة (FLNG) الكائنة حوالي 20 كلم من الشاطئ  المحمية بجدار كاسر للأمواج، المنصة التي ستبدأ بطاقة تسييل إنتاجية تصل إلى 2.5 مليون طن سنويا على أن تصل في المرحلة الثانية إلى 7.5 مليون طن، و 10 مليون طن سنويا  كحد أقصى للقدرة التسييلية، و تبلغ القدرة الإنتاجية التسييلية للعالم حتى فبراير 2019 حوالي 393 مليون طن، وذلك حسب التقرير الصادر عن الاتحاد الدولي للغاز (IGU)، وهو ما يعني أن القدرة التسييلية لحقل احميم المشترك تشكل 0.63 % في  المرحلة الأولى من الإنتاج، و2.54 % كحد أقصى من إجمالي الطاقة الإنتاجية التسييلية العالمية المذكوره أعلاه.خيار المنصة العائمة الذي تم الترويج له كثيرا يطرح أكثر من تساؤل خاصة أن التقنية جديدة وغير مجربة كثيرا على المستوى العالمي، كما أنه يمثل خيار صفر فرصة عمل، وصفر استخدام موارد محلية للدولتين على الأقل في هذه المرحلة  الجارية حاليا، حيث أنه حتى الآن تعاقدت شركة بي بي مع شركة ماكرديرموت الدولية (McDermott International Hughes ) لتقديم خدمات نظام الإنتاج تحت سطح البحر، وتتراح قيمة العقد بين 500 مليون دولار - 750 مليون دولار، كما دخلت شركة بي بي مع جيمي (Gimi MS Corporation) التابعة لشركة  Golar LNG Limited في عقد إيجار وتشغيل لمدة 20 عامًا لمنصة الغاز الطبيعي المسال العائمة (FLNG) التي سيتم تحويلها في ساحة Keppel في سنغافورة  من سفينة  نقل غاز طبيعي مسال تقليدية عمرها حوالي 40 سنة إلى منصة (FLNG Gimi) مشابة  لـ Hilli Episeyo FLNG التي تعمل الآن  قبالة السواحل الكاميرونية، و من المتوقع أن يكلف بناء FLNG Gimi حوالي 1.3 مليار دولار.

 هذه عقود بقيمة حوالي 2 مليار دولار تخلق آلاف فرص العمل خارج البلدين موريتانيا و السنغال، وهي نموذج جيد على سلبيات اختيار منصات الإنتاج  العائمة بدل البرية، وقد تكون هذه الأسباب وغيرها هي التي دفعت بالعديد من الدول إلى رفض خيار المنصات العائمة على حساب المنشات البرية التي يتم إنشائها و إنجازها عن طريق استخدام العمال،  والموارد المحلية على سبيل المثال لا للحصر: مثل حقل العبادي في إندونيسيا ، و Greater Sunrise  في أستراليا، و كذلك مشاريع أخرى في تنزانيا و الموزمبيق.

إن الدراسات الجيولوجية المقارنة، والتاريخ الجيولوجي للمنطقة، و نتائج  المسح الزلزالي كلها تثبت أن مياه الأطلسي قد تكون  تخفي قبالة سواحل الغرب الإفريقي أكبر اكتشافات الغاز الطبيعي في العالم. لكن يبدو أن الفجوة بين المعلن والمخفي ، وبين الظاهر والكامن من المعلومات كبيرة جدا ،   فعلى مستوى الاحتياطي بدأت التقارير الغربية تتحدث عن 100 تريليون قدم مكعب، أما على مستوى الإنتاج فقد بدأ الحديث عن ثلاث منصات عائمة بدل واحدة ، لكن خيار المنصات العائمة وإن كان يناسب الحقول صغيرة الحجم فإن اختيارها  في حالتنا قد يكون لأسباب أمنية وسياسية أكثر مما هي أسباب إقتصادية، وفي حالة فعلا تأكدت الاحتياطيات الكبيرة ، و تم القرار باستخراجها فإن خيار المزيد من المنصات العائمة  قد لا يكون هو الخيار الأمثل اقتصاديا، و بيئيا خاصة في حالة كانت السوق الأوروبي هي المستهدف الأول بالغاز الموريتاني أو السنغالي.

 

 

حقل السلحفاة آحميم المشترك بين السنغال وموريتانيا هو حقل بحري للغاز الطبيعي  يقع في نطاق خطوط التماس للحدود البحرية بين البلدين على بعد حوالي 125 كلم من مدينة سان لوي السنغالية، يتميز الحقل بتركيبة جيولوجية من صافي رواسب الهيدروكربونات عالية الجودة  مخزونة في  تشكيلة رملية يعود عمرها إلى حوالي 120 مليون سنة، و يعد أكبر حقل للغاز الحر في شبه المنطقة.

ومنذ اكتشافه سنة 2015  على يد شركة كوسموس (Kosmos Energy)، والحديث عنه يكثر خاصة في وسائل الإعلام الغربية و السنغالية  أما في بلادنا فقد أدى تجاهل الإعلام الرسمي عن قصد أو من غير قصد له إلى أن يبقى المواطنين عرضة للشائعات و المغالطات، وهذا ما حدا بنا إلى كتابة سلسلة من المقالات سعيا منا للمساهمة في  تحديد المكانة الحقيقية العالمية  لحقل آحمييم المشترك دون مبالغه أو إنقاص.

(1) الاحتياطي

حسب تقرير شركة بي بي (BP) حول مراجعتها الإحصائية لقطاع الطاقة العالمي للعام 2019  يبلغ إجمالي الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي  في العالم حتى نهاية 2018 حوالي 6951.8 ترليون قدم مكعب، وهذا ما يعني أن الاحتياطي المؤكد لحقل احميم المشترك البالغ حسب شركة بي بي  15 ترليون قدم مكعب يشكل 0.21 % من إجمالي الاحتياطي العالمي، و يشكل 2.94% من الاحتياطي الإفريقي المؤكد البالغ حسب نفس  التقرير 509.6 ترليون قدم مكعب.

لكن شركة بريتيش بتروليوم (BP) التي تملك حقوق تسويق الغاز المسال المنتج من الحقل أبلغت السوق العالمي بإمكانية توصيل 50 تريليون قدم مكعب من الحقل، ويؤكد هذا التوجه تصريحات سابقة للسيد جاسبر بيجس (Jasper Peijs)  نائب رئيس عمليات التنقيب في شركة BP Africa، حيث قال: "إننا نعمل فقط على تطوير المرحلة الأولى من الغاز، لكننا حددنا بالفعل ما يكفي من إمدادات الغاز للمراحل اللاحقة"،  وأضاف أنه "هناك بئر ياكار  (Yakaar)، الذي كان أكبر اكتشاف للهيدروكربونات سنة  2017 حوالي 12 تريليون قدم مكعب، بالإضافة إلى اكتشاف تيرانجا (Teranga) إلى الشرق منه، و هو ما يضيف 30 إلى 50 تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي هذا في السنغال فقط."

أما في موريتانيا يضيف السيد جاسبر بيجس  "فقد حصلنا على الكثير من البيانات السيزمية (المسح الزلزالي) الخاصة بالتنقيب، وأنا متأكد من أنه من المحتمل جدًا أن نجد شمال حقل احميم المشترك  المزيد من الغاز"، و يبدو أن توقعات السيد جاسبر بيجس كانت في محلها، ويؤكد ذلك الاكتشافين الأخيرين لشركة كوسموس أنرجي الأمريكية المعلن عنهما فاتح يوليو الماضي و 23 سبتمبر الجاري.

كل هذه المعطيات  المعلنة تؤكد أن حقل السلحفاة احميم الكبير قد يكون أكبر بكثير من حجمه الحالي الذي تم الإعلان عنه رسميا، وقد يتم مستقبلا تأكيد احتياطات جديدة ترفع من مكانة السواحل الموريتانية السنغالية كمنطقة واعدة للغاز الطبيعي، وما اهتمام اللاعبين الكبار في مجال الطاقة  بالمنطقة  إلا خير دليل على ذلك.

(2) الإنتاج

يقع حقل آحمييم المشترك  على بعد حوالي 120 كلم من الشاطئ وعلى عمق أكثر من 2000 م تحت سطح الماء، سيتم تصميم نظام معقد من أنابيب الإنتاج وخطوط التدفق الموصولة بأربعة آبار إنتاج من أصل 12 بئر كمرحلة أولية، و هو ما سيمكن من نقل الغاز أولا لمسافة 80 كلم  إلى وحدة طافية للتخزين والتفريغ (FPSO) مصممة لمعالجة الهيدروكربونات الثقيلة، و عزل الشوائب والسوائل، ومن ثم يتم إرسال الغاز إلى منصة التسييل العائمة (FLNG) الكائنة حوالي 20 كلم من الشاطئ  المحمية بجدار كاسر للأمواج، المنصة التي ستبدأ بطاقة تسييل إنتاجية تصل إلى 2.5 مليون طن سنويا على أن تصل في المرحلة الثانية إلى 7.5 مليون طن، و 10 مليون طن سنويا  كحد أقصى للقدرة التسييلية، و تبلغ القدرة الإنتاجية التسييلية للعالم حتى فبراير 2019 حوالي 393 مليون طن، وذلك حسب التقرير الصادر عن الاتحاد الدولي للغاز (IGU)، وهو ما يعني أن القدرة التسييلية لحقل احميم المشترك تشكل 0.63 % في  المرحلة الأولى من الإنتاج، و2.54 % كحد أقصى من إجمالي الطاقة الإنتاجية التسييلية العالمية المذكوره أعلاه.خيار المنصة العائمة الذي تم الترويج له كثيرا يطرح أكثر من تساؤل خاصة أن التقنية جديدة وغير مجربة كثيرا على المستوى العالمي، كما أنه يمثل خيار صفر فرصة عمل، وصفر استخدام موارد محلية للدولتين على الأقل في هذه المرحلة  الجارية حاليا، حيث أنه حتى الآن تعاقدت شركة بي بي مع شركة ماكرديرموت الدولية (McDermott International Hughes ) لتقديم خدمات نظام الإنتاج تحت سطح البحر، وتتراح قيمة العقد بين 500 مليون دولار - 750 مليون دولار، كما دخلت شركة بي بي مع جيمي (Gimi MS Corporation) التابعة لشركة  Golar LNG Limited في عقد إيجار وتشغيل لمدة 20 عامًا لمنصة الغاز الطبيعي المسال العائمة (FLNG) التي سيتم تحويلها في ساحة Keppel في سنغافورة  من سفينة  نقل غاز طبيعي مسال تقليدية عمرها حوالي 40 سنة إلى منصة (FLNG Gimi) مشابة  لـ Hilli Episeyo FLNG التي تعمل الآن  قبالة السواحل الكاميرونية، و من المتوقع أن يكلف بناء FLNG Gimi حوالي 1.3 مليار دولار.

 هذه عقود بقيمة حوالي 2 مليار دولار تخلق آلاف فرص العمل خارج البلدين موريتانيا و السنغال، وهي نموذج جيد على سلبيات اختيار منصات الإنتاج  العائمة بدل البرية، وقد تكون هذه الأسباب وغيرها هي التي دفعت بالعديد من الدول إلى رفض خيار المنصات العائمة على حساب المنشات البرية التي يتم إنشائها و إنجازها عن طريق استخدام العمال،  والموارد المحلية على سبيل المثال لا للحصر: مثل حقل العبادي في إندونيسيا ، و Greater Sunrise  في أستراليا، و كذلك مشاريع أخرى في تنزانيا و الموزمبيق.

إن الدراسات الجيولوجية المقارنة، والتاريخ الجيولوجي للمنطقة، و نتائج  المسح الزلزالي كلها تثبت أن مياه الأطلسي قد تكون  تخفي قبالة سواحل الغرب الإفريقي أكبر اكتشافات الغاز الطبيعي في العالم. لكن يبدو أن الفجوة بين المعلن والمخفي ، وبين الظاهر والكامن من المعلومات كبيرة جدا ،   فعلى مستوى الاحتياطي بدأت التقارير الغربية تتحدث عن 100 تريليون قدم مكعب، أما على مستوى الإنتاج فقد بدأ الحديث عن ثلاث منصات عائمة بدل واحدة ، لكن خيار المنصات العائمة وإن كان يناسب الحقول صغيرة الحجم فإن اختيارها  في حالتنا قد يكون لأسباب أمنية وسياسية أكثر مما هي أسباب إقتصادية، وفي حالة فعلا تأكدت الاحتياطيات الكبيرة ، و تم القرار باستخراجها فإن خيار المزيد من المنصات العائمة  قد لا يكون هو الخيار الأمثل اقتصاديا، و بيئيا خاصة في حالة كانت السوق الأوروبي هي المستهدف الأول بالغاز الموريتاني أو السنغالي.

Facebook Twitter google_plus WhatsApp انشر

 

استطلاع رأي

اختر مرشحك المفضل في 29 مايو
محمد الشيخ الغزواني
89%
محمد الأمين المرتجي الوافي
0%
حمادي سيدي المختار محمد عبدي
7%
أوتوما انتوان سلیمان سوماري
4%
مامادو بوكار با
0%
العيد محمدن امبارك
0%
برام الداه اعبيد
0%
مجموع الأصوات : 27

ghalleryy