لا يمكن فهم التصريحات المتشنجة والغاضبة لرئيس اتحاد العلماء المسلمين الشيخ أحمد الريسوني إلا في ظل السكرة المخزنية التي تؤطر كثيرا من المثقفين المغاربة، فيصدرون عليها في ولاء أعمى وببغاوية فكرية لا تختلف عن محتوى الإذاعة المغربية في سنوات الستينيات والخمسينيات.
لا يمكن للريسوني وهو الذي اختارته نخب من العلماء ليقود رئاسة أهم اتحاد لأهل السنة في العالم أن يخرج من شرنقة المخزنية إلا ليعود إليها؟.
في المغرب الكثير مما ينبغي أن ينتقد ومما يجب أن يغير من منكرات السياسة والاقتصاد والفكر وسائر الممارسات، لكن العالم السيال القلم، يمثل ميلة أخرى ويحسب نفسه قائد جزء من مفارز الوهم التي تحاول استعادة مالم يكن في الملك أصلا، من سعي لبسط سيطرة وهمية خارج التاريخ والجغرافيا على موريتانيا والصحراء.
في قضية الأطماع التوسعية للجار المغربي يعزل المثقف المغربي عقله، يمنحه عطلة غير معوضة، ويلقي به في ثلاجة التجميد، ليتحدث بشكل آلي عن موريطانيا ديالنا والصحراء المغريبيا،
ربما لو صدر هذا التصريح من أي مغربي آخر لكان حجم الاستغراب أخف لكن أن يصدر من "مواطن أممي" ورئيس اتحاد عالمي للعلماء، يعرف صاحبه كيف يتعايش مع المتغيرات المتعددة، وكيف ينحني لفقه الواقع، وكيف يمنح السائد حظه من التسويغ، فإن الأمر يعني أن المغاربة شربوا من خمرة مخزنية واحدة.
ترى ماذا يضر الشيخ الريسوني لو وسع دائرته التوسعية، ودعا وبشكل صريح وواضح إلى تجميع دول الخليج العربي في دولة واحدة، وهل يمكن لصاحب الفضيلة أن يتحدث بوضوح أكثر عن الأرض المستلبة في في سبتة ومليلة.
وبشكل أوضح هل يمكن الآن أن يغوص في أعماق التاريخ أكثر ليدعو إلى تحرير الأندلس، واسترداد مدنها التي تعتبر اليوم جزء من أوربا الغربية، أم أن مراعاة الحدود الدبلوماسية، والسير تحت سقف المخزنية سوف يقمعه إذا فكر في منطق أكثر عقلانية من حديث غلط وجود موريتانيا
الغلط بالفعل هو وجود مملكة وعلماء لم يكتفوا بخذلان فلسطين، بل انتهى بهم الأمر إلى فرض أبشع وأوسع تطبيع في تاريخ العلاقات العربية الصهيونية، وطبعا في هذا الملف سيتحدث الريسوني بلغة دبلوماسية مغلفة بكثير من الهدوء
بالنسبة للصحراء الغربية، يمكن للريسوني أن يجرب سياحة إليها ليعرف بوضوح هل مغربية كما يرى أم لأهلها قولا آخر ..
ريم افريك