نشرت نيويورك تايمز (New York Times) تقرير موسعا عن قرار الحكومة المصرية هدم البيوت العائمة على النيل وإزالتها بالقوة، وتغريم أصحابها مبالغ كبيرة.
وكانت الصحيفة قد أجرت مقابلات مع بعض سكان هذه البيوت التي قد يكون هذا هو الأسبوع الأخير لها قبل إزالتها من الوجود.
وأشارت إلى أن هذه البيوت الخشبية العائمة الممتدة على ضفاف النيل وسط القاهرة، والتي تمثل تقليدا للحياة منذ القرن الـ 19، مهددة اليوم بالهدم بعد قرار مفاجئ من الحكومة بحجة أنها غير آمنة وغير مرخصة.
وذكرت الصحيفة أنه قد تم بالفعل تدمير أكثر من نصف عدد البيوت البالغ 32، والمتصلة بالبر الرئيسي للقاهرة بحدائق ضفة النهر المورقة، أو سحبها بعيدا إلى ساحات الخردة، وقد اختفى 14 بيتا على الأقل يوم الثلاثاء وحده، ومن المقرر التخلص من البقية.
وعلقت أنه بزوال هذه البيوت سيتلاشى معها بقايا تاريخ متلألئ يختفي بسرعة، حيث استضافت هذه البيوت المغنيات والمراقص وكتب فيها نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل إحدى رواياته، ودارت أحداث أفلام شهيرة على متن أخرى.
وكانت الحياة على ضفة النهر هادئة ومتجددة الهواء ولها خصوصيتها، ولا تشبه أبدا حياة العاصمة المحمومة والمتربة التي استحوذت البيوت العائمة على خيالها لفترة طويلة.
على الرغم من تقديم الحكومة القليل من المعلومات حول خططها لضفة النهر، يقول السكان إن السلطات ضغطت بشكل متزايد في السنوات الأخيرة لاستبدال القوارب السكنية بمقاه ومطاعم عائمة، وهو ما يتماشى مع خططها لتحديث الكثير من أحياء القاهرة والتربح من خلال تسليمها إلى مطورين من القطاع الخاص أو الجيش
وألمحت الصحيفة إلى أنه رغم تقديم الحكومة القليل من المعلومات حول خططها لضفة النهر، يقول السكان إن السلطات ضغطت بشكل متزايد السنوات الأخيرة لاستبدال القوارب السكنية بمقاه ومطاعم عائمة، وهو ما يتماشى مع خططها لتحديث الكثير من أحياء القاهرة والتربح من خلال تسليمها لمطورين من القطاع الخاص أو الجيش، وهدم العديد من الأحياء التاريخية لإقامة عمارات شاهقة وطرق وجسور جديدة.
وأضافت أنه على مدى عقود حاول حكام مصر المتعاقبون نقل المراكب، لكن أصحابها تمكنوا من التفاوض مع السلطات. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية رفعت الحكومة الرسوم أو غيرت اللوائح عدة مرات، وأخيرا توقفت عن تجديد إصدار تراخيص المراكب منذ عامين.
والآن يستغل المسؤولون عدم وجود تراخيص لتبرير عمليات الهدم، مع أن السكان يقولون إن هؤلاء المسؤولين هم الذين رفضوا تجديد تلك التراخيص.
وخلصت الصحيفة -بعد مقابلة العديد من أصحاب البيوت العائمة- إلى أن هذا الإرث الذي يمثلونه ليس بالضرورة من النوع الذي تريد الحكومة الإعلان عنه، وهو ما قد يفسر لماذا ألمحت السلطات مؤخرا، في تبريرها لعميات الهدم، إلى استخدام المراكب لأغراض غير أخلاقية"
وأشارت إلى أنه لبعدها عن ضجيج القاهرة، كانت تلك المساحات الخاصة تطفو في مشهد محير، وتوفر لبعض القاهريين ملاذا يمكنهم من خلالها شرب الخمر وتعاطي المخدرات والاختلاط بحرية في قلب مدينة شديدة المحافظة، وهو ما ظهر للغرباء في بعض روايات نجيب محفوظ الذي كان يمتلك بيتا عائما قريبا من شقته.