الصحافة المستقلة.. سلطة بلا مخالب!

13. أبريل 2020 - 12:55

شكًل الإعلام بمختلف وسائطه السلاح الأكثر نجاعة في وجه جائحة كورونا، وأضحت الدول الكبرى في ظل عجزها المتواصل عن إيجاد لقاح فعًال للقضاء على الفيروس الذي أرعب العالم بأسره رغم سباق العلماء مع الزمن بغية التوصل إلى دواء ناجع يوقف حصد (كوفيد19) لأرواح آلاف البشر عبر المعمورة؛ لكن مما خفف حد الانتشار المخيف للجائحة هي حملات التوعية والتحسيس عبر وسائل الإعلام التي تعتبر الموجه الأول والسلاح الأنسب لمواجهة التحديات.

إن إشراك صنًاع الرأي في استراتيجيات الحكومات شأنهم في ذلك شأن بقية أضلاع دولة المؤسسات ، أحزاب، نقابات، مجتمع مدني، ليس مكملاً للإختلالات، بقدر ما هو مساعدا وموجها لكل عمل وطني يراد له النجاح خصوصا في وجه أزمة تمسُ الجميع ولها تأثيرات على البلد ومحيطه الإقليمي والدولي..

لقد كان حرياً بالحكومة أن تضع في أولوياتها وهي تصارعُ جائحة عجزت دول عظمى عن الصمود أمامها، أن تشرك الصحافة الوطنية الجادة في هذا المجهود وتفتح معها آفاقاً جديدة في التعاطي الايجابي، حتى يلعب الجميع دوره على أكمل وجه، ولنكن جميعاً في مستوى التحدي الذي يواجه بلدنا العزيز.

صحيح أننا اليوم نتفاخر بالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات في الوقت المناسب لتفادي انتشار الفيروس، ونثمن جهود طواقمنا الصحية الذين يقفون في الخطوط الأمامية ورجال أمننا وقواتنا المسلحة التي طوقت الحدود وتواصل ليلها بنهارها للسهر على تأمين حوزتنا الترابية، وتلك الهبة العفوية التي قام بها رجال أعمالنا بتبرعاتهم السًخية فور إعلان رئيس الجمهورية عن إنشاء صندوق خاص بالتضامن الاجتماعي ومحاربة وباء كورونا.

تماما كما شاطرنا الشعب الموريتاني عامة ارتياحه، بما تضمنه خطاب رئيس الجمهورية يوم 25 مارس الماضي، لما حمله من مؤازرة للطبقات الهشة وإحساس بالمسؤولية تجاه شعب يعاني الفقر والجهل والبطالة.

غير أن مواصلة التضييق على الصحفيين والحد من حريتهم في التنقل، أعادنا إلى مربع ناضلنا جميعاً للقطيعة معه، ونجحنا في أن تكون موريتانيا في خانة دول العالم المتصدرة لحرية الرأي والتعبير.

من غير المفهوم صراحةً أن لا تستثني الصحافة المستقلة من الحصول على تراخيص للعمل أثناء حظر التجول، وكذلك منع المراسلين الدوليين من الحركة لأداء عملهم، رغم مجهودهم في إعطاء صورة ناصعة عن موريتانيا وشعبها في الإعلام العربي و الدولي.

صندوق الدعم!

عاشت الصحافة المستقلة خلال العشرية الماضية أسوأ فتراتها، من حيث القيمة والمنتج الإعلامي، ذالك أن النظام عمل بشكل مكشوف على تفريغها من محتواها، من خلال التميًيع الممنهج الذي خُصصت له لجان وفرق من داخل مصادر القرار ومن طرف الحزب الحاكم، فتمت صناعة صحف وهمية وكتًاب بأسماء مستعارة، وأصبحت كل وسيلة إعلام محسوبة على تيار سياسي أو شخصية اعتبارية وحتى قبائل وجهات.

ومن ما زاد الطينة بلًة إنشاء صندوق خاص بدعم الصحافة يرصد له مبلغ زهيد من ميزانية الدولة، ويوزع بطرق ملتويًة فاضحة، لدرجة أنه لم يسلم من النقد حتى بالنسبة للذين يشاركون في توزيعه..!

فتح الباب على مصراعيه لترخيص الصحف الالكترونية، وضيق الخناق على الصحف الورقية من خلال غلاء السحب، ووقف الإشتراكات، فأختلط الحابل بالنابل، أما عن الروابط والنقابات الصحفية فحدث ولا حرج.. أكثر من 14 تجمع واتحاد اغلبهم رخص في شهر واحد.

مما يثير الاستغراب أكثر في حرب الدولة تلك على الصحافة الجادة، هو تعطيل بعض القوانين والنظم التي تدخل ضمن حق اطلاع المواطنين على المعلومة خصوصا لدى الشركاء المساهمين في البنوك، فمن المفروض وجوباً وفي إطار الشفافية المالية، أن تنشر البنوك تقارير سنوية بهدف إطلاع المساهمين على مستوى الأرباح بوصفهم مساهمين، وفي نفس الوقت يعود بنفع مادي على المؤسسات الصحفية، ناهيك عن الإشتراكات مع القطاعات الحكومية والتي أصبحت تمنح للأسماء بدل المؤسسات، وتتم فيها مراعاة الزبونية والمحسوبية.

للأسف لا سلطة رابعة في موريتانيا، ولم تعد صاحبة الجلالة ذات هيبة أو مكانة، فكل ميزاتها ومميزاتها ضرب بها "التمييع" عرض الحائط، أصبح الصحفي يخجل من لقبه، وفقد الخبر قدسيته، كما فقدت المهنة النبيلة بريقها.. فالبلد كله صحافة وكل أهله سياسيين!

 

الموضوع الرئيسي لعدد جريدة السفير الصادر اليوم الاثنين 13/04/2020

استطلاع رأي

كيف تقييم خطاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يوم 24 مارس/2022.

ghalleryy