على عزيز أن يشرب من الكأس التي سقى منها الجميع / سيدي علي بلعمش

19. ديسمبر 2019 - 8:10

قبل عودة عزيز المشؤومة ، تم إطلاق الكثير من الشائعات الذكية : الاستقبال الشعبي، الاستقبال الرسمي، العودة في مواكب أحضان النظام (…) . كان الغرض من كل هذه الشائعات سبر و اختبار الساحة الداخلية ليرى كيف يمكن أن يعود في زفة كبيرة لإقناع المؤسسات الغربية التي قدمت له رشاوى ضخمة في عقود خارج القانون لاستنزاف الثروة المحلية. فقد كان عزيز يؤكد لهم مضيه في المأمورية الثالثة ثم أكد لهم أنه رشح خليفته و سيفرض فوزه في الشوط الأول ، ثم أكد لهم أنه سيظل يدير الحكم من خارج الواجهة المزيفة له (غزواني). و حين أدركوا من خلال تصرفات غزواني أن صاحبهم كاذب حن حنونهم و جن جنونه ، فعاد مسرعا كي لا يفتحوا عليه قضايا في الغرب و لكي يتدارك الموقف على الأرض من خلال الظهور كقوة سياسية يحسب لها كل حساب عن طريق مغارة علي بابا (UPR) و برلمان شبيكو و بازيب. 

حتى هنا أدار غزواني اللعبة بمهارات عالية و ذكاء كبير ، لكن دخوله في صراع يومي مع لص حقير تطارده الفضائح في الداخل و الخارج ، كان خطأ فادحا و خطرا كبيرا على النظام و على استقرار البلد و تلويحا صريحا بازدراء القانون و عدم احترام هيبة الدولة ، لا سيما بما صاحبه من تسجيلات (منظمة و معدة بإتقان) مستهزئة بالشعب و الدولة و النظام و مهددة للسلم الاجتماعي، لم يواجهها النظام ، لا باعتقالات و لا بأي إجراءات رادعة . 
اليوم يطلق عزيز بالون اختبار أخر من خلال طلب ترخيص مؤتمر صحفي في 19 دجنبر بفندق حليمة، سيكون حتما بمثابة البيان رقم 1 ، حتى لو تأخرت نتائجه و حتى لو بدا الغرض منه ساذجا. 
و يتضح التنظيم بإحكام لهذه الخرجة المرتقبة و التي لن تكون على الأرجح ، من خلال العناوين التي رافقتها من هنا و هناك : “مصدر رسمي : لا شيء يدفع لمنع الرئيس السابق من تنظيم مؤتمر صحفي” (الأخبار) و تكتفي الصحيفة كما هو معهود في البلد بالحديث عن ما تريد على لسان “مصدر رسمي فضل عدم ذكر اسمه”، فيما تقدم “زهرة شنقيط” البرنامج الكامل (المعلن) للمؤتمر الصحفي بالتفاصيل المملة : “أبرز رسائل ولد عبد العزيز في مؤتمر الخميس”.
و يكفي النظام أسبابا لمنع هذا المؤتمر الصحفي، أنه لا يعرف ماذا يريد ولد عبد العزيز منه و لا ماذا يمكن أن يفتح عليه (النظام) من أبواب لن يعرف كيف يسدها. 
أقل ما يخبئه هذا المؤتمر الصحفي هو تحول ولد عبد العزيز ـ إذا سجن غدا ـ من لص، سجين حق عام إلى سجين رأي …
و سيحاول ولد عبد العزيز من خلال هذا المؤتمر الصحفي (مهما كانت المواضيع التي سيتحدث عنها) ، أن يحدد زاوية هجومه على النظام و طرق إدارة معاركه الحتمية. 
و علينا أن نعود إلى تسلسل الأحداث لكي نفهم الغاية من هذا المؤتمر: يأتي هذا المؤتمر بعد محاولة انقلابية فاشلة أو محاولة اغتيال على الأرجح (في حفل عيد الاستقلال) و بعد محاولة فاشلة لاختطاف مغارة علي بابا و بعد عدة محاولات تسوية فاشلة ؛ و تأتي فكرة هذا المؤتمر الصحفي على الأرجح من خلية الإعلام الخارجية بقيادة جمال ولد الطالب، في إطار استراتيجية عامة لإرباك النظام في حالة ترخيصه للمؤتمر و إظهار عزيز كند و خصم لا كلص تطارده فضائحه و تشويه صورة النظام في حالة منع الترخيص و إظهار أنه نظام دكتاتوري يعود بموريتانيا إلى عصر الظلمات بعد “ثورة عزيز في مجال حرية الإعلام و حرية الرأي و التظاهر” و قد سربت الجماعة في نفس اليوم، صورة مركبة لغزواني بنظارات و لحية الواعظ الديني مع تعليق ساخر: “مولانا الشيخ محمد ولد الغزواني ، المرجعية العليا لحزب و نواب و وزراء و رجال أعمال العشرية” 
و ليس صدفة على الإطلاق أن تنفرد “آتلانتيك ميديا” التي تعيش من لحس أقدام عزيز، في نفس اليوم ، بنشر تقرير مفصل عن اكتشافات هائلة جديدة للغاز من قبل شركة بريتيش بيتروليوم (BP) ، فمن زودها حصريا بهذا التقرير المفصل و هي التي لم يأتها بعد خبر أن عزيز لم يعد رئيسا لموريتانيا!!؟ 
و ليس صدفة أيضا و أيضا أن يأتي طلب الترخيص لهذا المؤتمر الصحفي بعد مقال “عزيز يقطع صمته” للمحللة جستين سبييجل (Jeune afriaue) الذي اعتبره البعض تحولا في موقف الصحيفة بينما يظهر المقال رسالة واضحة لعزيز بأنه إذا لم يتحرك بأسرع وقت ضد النظام ستلفظه الساحة و لن يستطيع العودة إليها بأي وسيلة. و من الواضح هنا أن خلية جمال ولد الطالب التي تعيش على سمسرة الأزمة هي التي تدفعه إلى هذه المعارك لاستنزاف جيوبه و لا تهمها أي نتيجة في النهاية. 
إن التبرير القانوني لرفض الترخيص لمؤتمر ولد عبد العزيز، لا يتطلب أكثر من طرح سؤال بسيط عليه : بأي حق كنت تمنع مؤتمرات الآخرين متى شئت ؟ 
ليس هناك أعدل من منطق المعاملة بالمثل : على ولد عبد العزيز اليوم أن يشرب من الكأس التي سقى منها الجميع. فمتى كان ولد عبد العزيز يكترث بما يجيزه أو يمنعه القانون؟
هناك أمر آخر لا بد أن ننبه النظام عليه حتى نحملهم مسؤولية تصرفاتهم : بوفاة ابنه أحمدو استحوذت امرأة أجنبية (في المحاكم الغربية ) على عدة مليارات من أموال هذا الشعب المنهوبة، لن نستطيع اليوم أن نستردها بأي معجزة . و حين تفتح مؤسسات عملاقة أو السنوسي أو النظام الليبي أو غيرهم ، قضايا على ولد عبد العزيز ستجمد “ممتلكاته” في الخارج و سيستحوذون عليها بسهولة في غياب تعميم عليها من القضاء الموريتاني بسبب تهاون النظام في محاكمته : و ليعلم ولد الغزواني أننا ـ حينها ـ سنحمله كامل المسؤولية .
و للمرة العشرين ، ننبه و نطالب و نحث و نترجى ولد الغزواني أن يتحمل مسؤولياته و ينهينا من الصراع مع هذا اللص اللئيم الذي نهب ثروتنا و دمر بلادنا و مسخ تاريخنا و احتقر شعبنا و حاول بكل جهوده أن يخرج من مأزق جرائمه بتدمير وحدة شعبنا و زرع كل أنواع الشقاق في مكونات لحمتنا.
فبماذا يستحق ولد عبد العزيز اليوم عطفنا و صفحنا ؟
بماذا يستحق معاملته بعدل و إنصاف حين نسي أن يفعلها في حق الآخرين. 
إن الحكم العادل على ولد عبد العزيز اليوم ، هو المعاملة بالمثل : مصادرة كل ممتلكاته حتى لا يترك له غير حمامه عند المدرسة 2 في لكصر و رميه في السجن من دون محاكمة ، تماما كما كان يفعل بمن هم أحق بالعدل و الإنصاف منه.

السبيل

استطلاع رأي

كيف تقييم خطاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يوم 24 مارس/2022.

ghalleryy