
أستغرب حقًا من سرعة تفاعل كثيرين في هذا الفضاء مع أي حدث، دون أدنى تفكير أو تحر أو تمحيص.
ما شدّ انتباهي في ما جرى البارحة ليس الصراخ ولا الفيديو، بل المسرحية ذاتها التي أعاد بطلها، الميكانيكي المسمّى epap، إخراجها بحبكة أكثر ضجيجًا وبخراجٍ أوضح، وإن كان أوهى، من مسرحيته الأولى قبل سنتين أو ثلاث.
قصتي معه ليست وليدة الأمس. فقد أوكلت أختي، بحسن نية، أمر سيارتها لأحد أبناء العائلة بحكم معرفته بالسيارات، فأُوقفت في كراج هذا الشخص قرب مطار نواكشوط القديم لإصلاح بعض الأعطال البسيطة. وبعد مدة، تبيّن أن السيارة تحولت إلى مجرد هيكلٍ مجرد، مركونة على حجارة ولبن.
وعندما سألناه عن القطع الناقصة، ادّعى أنه احتفظ بها في مخزن “خوفًا من السرقة”، وأنه سيعيد تركيبها بعد انتهاء الطلاء. غير أن الحقيقة كانت صادمة: لقد سرق كل القطع الثمينة، ليس من سيارتنا فحسب، بل من سيارات أخرى كانت في مرأبه.
تقدمنا بشكوى إلى المفوضية، فطلب مهلة شهر، وتعهد بإرجاع السيارة “كما كانت وأحسن”، مبررًا التأخير بوفاة جدته وأعذارٍ واهية من هذا القبيل. انتهت المهلة، فذهبت إلى كراجه قرب “حانوت أمريكا” فلم أجده. قيل لي إنه انتقل إلى حائط خلف المدرج، جهة دار النعيم.
ذهبتُ إليه رفقة أحد تلامذته، لأتفاجأ هناك بمشهد عبثي: سيارات محترقة، وهو يؤدي دور الصدمة، مدعيًا أن شخص ما أحرق السيارات ليلًا دون سبب!
كانت المسرحية مكشوفة منذ اللحظة الأولىوتثير الشبهة من
نقل الكراج من مكان عام يعج بالزبناء والمارة إلى مكان شبه نائي
وشهادات سابقة من زملائه تؤكد أنه لص محترف اعتاد هذا الأسلوب.
قدّمنا شكوى ثانية، فأُحيل الملف إلى العدالة. حاول استعطاف القاضي مدعيًا الفقر، ومقترحًا أن “نتقاسم المصيبة”، ثم تعهد أمام القاضي بدفع مئة ألف أوقية شهريًا حتى يكتمل ثمن السيارة. تم الاتفاق، ووُثق التعهد رسميًا لدى الموثق ولد أحمد يوره.
وبعد شهرين… اختفى. لا خبر، لا أثر.
واليوم، يعود إلى الواجهة بمسرحية جديدة، وبضحايا جدد، بينما يتسابق البعض للتعاطف والتصفيق دون أن يسألوا: من هذا الرجل؟ وما تاريخه؟.
المصدر : مواقع

