هل هناك توجهات جديدة لغزواني في ضوء رسالة صناديق الاقتراع؟

15. يوليو 2024 - 22:27

باستثناء الرسالة السريعة التي وجهها غزواني في ثلاث دقائق، معروضة على اليوتوب، يشكر فيها الشعب على منحه الثقة لعهدة جديدة، لم تصدر أي ردة فعل رسمية عقب الانتخابات الرئاسية. يبدو أن الجميع ابتلعوا ألسنتهم خاصة الساسة وأعضاء الحكومة النافذون الذين لم يحرز الرئيس نتائج مهمة في دوائرهم ، فهل سيختفي الغرور! .كانت النتيجة مخيبة للآمال في المدن الكبرى التي يجب أن تستفيد من الخدمات العمومية بالدرجة الأولى رغم أن الدولة استثمرت 1,2ترليون أوقية قديمة خلال العهدة الماضية في البنى التحتية والخدمات العمومية، تم توجيه عشرة في المائة منها إلى نواذيبو وحده ، لكن الأمر لم يخدم نتيجة غزواني الانتخابية، وكأن السكان مصرون على أن تمثيلهم السياسي والحكومي ليس مرضيا، كما أن حجم استجلاب الناخبين من خارج الولاية الذي يغلب الكفة عادة لبعض المرشحين، والحمية الجهوية، لم يلعبا دورا بارزا في دعم غزواني. لقد فاز بيرام هذه المرة أيضا بأكبر نسبة ومن دون أي إمكانيات في هذه الولاية الشمالية والعاصمة الاقتصادية للبلد، فأين رجال الأعمال والقادة السياسيون والاجتماعيون؟.. كما سجلت نتيجة انواكشوط ضربة قوية تحت الحزام عقب التغني بالفوز الساحق في الانتخابات المحلية الماضية ومع ذلك حافظ لكصر على نتيجة فوز كبيرة ،ومع ذلك تمت بعثرة الناخبين في الانتخابات الماضية بتأثير النواب أصحاب المال، ولم يتم استخدام نفس الطريقة في الانتخابات الحالية، وكانت النتيجة وكأنها تعكس عدم رضى السكان، في حين أنها تعكس موقفا مبدئيا ضد النظام، مدفوعا بالشحن العاطفي ، لكن الأكثر مدعاة للحيرة والتعجب، هو نتيجة ولاية العصابة التي كانت مخيبة للآمال حيث تركيز السلطة والقوة والمال فأين ذهب كل ذلك ! .
كان الحوض الشرقي هو من كسب قصب السبق في هذه الانتخابات رغم نكبتي الجفاف ومالي المجاورة، فكانت خسارة السكان كبيرة وكان الامتعاض واسعا. ومع ذلك تم التغلب على ذلك بمجهود الرجال أصفياء النظام. لقد تم تداول فيديو لمدير الحملة غير المتهم على النظام يمتدح التأثير الحاسم لمولاي ولد محمد لغظف ،ومع ذلك عكست النتائج في كل مقاطعات الولاية الأولى جهود بقية الأطر حتى أولئك الذين يقبعون في الظل لأسباب مهنية. لقد أبلوا بحق بلاء حسنا بأقل التحفيز والمكاسب، فهل يحق لهم انتظار التتويج على تلك الجهود انطلاقا من مبدأ المكافأة والعقاب، أو سيكون ذلك من نصيب الغير (ميرسِي الامير،Merci Lemir ).
كما حسمت تگانت النتيجة الثانية بسبب قوة التعبئة واستقلالية منسقية الحملة لقد قاموا بجهود استثنائية في ضوء منافسة قوية على الحشد كانت نتيجتها واضحة ، وفي نفس الوقت حجز آدرار المقعد الثالث في التصويت لغزواني بعدما أظهرت الصور حشدا كبيرا لمهرجان بيرام ،رغم أنهم ظلوا - خاصة رجال أعمالهم المسالمين- بصفة منتظمة -أو كأنها توجها للدولة - على الهامش ،فلماذا لعنة معاوية وحده !!! بينما كانت نتيجة غزواني في الشمال أقل بكثير رغم اللفتة الكبيرة هناك وقد كان رجال الأعمال أساسها . جاء الحوض الغربي في مرتبة متأخرة بالنسبة لقرينه رغم أنهما ظلا صنوين متلازمين فأين الخلل إذن !لقد أعطت اترارزة لبيرام الذي ينحدر منها فقط 12% ، لكنها كانت في المرتبة الخامسة رغم نتائجها في الانتخابات النيابية لمصلحة حزب الإنصاف، كما أنها أيضا تحظى بتركيز الدولة زراعيا وتملك العناية الأولى سياسيا وحكوميا ،كما كانت نتيجة لبراكنة ضعيفة ومفاجئة بالنسبة لحجم الانتماء للنظام ،لقد اصطحب غزواني مدير الديوان طيلة سفره فهل فضل عقله على ساعده ! ومع ذلك يظل هناك تحول مهم هو تصويت جنوب لبراكنة خاصة منطقة بابابي للرئيس التي تغشتها المعارضة وقتا طويلا وقد كان هناك تناغما للشباب مع دعوة الرئيس ومجهود استثنائي لأطر المنطقة فقد ظل العمدة الذي أعيد انتخابه مرات يحظى بتجمهر كبير . بينما كانت نتيجة كيهيدي قوية وتمثل تراجعا عن دعم المعارضة خاصة التأثير الذي لا يقاوم للمهاجرين .
كان مأزق مدير الحملة أنه يتعامل مع أشخاص لم يعينهم وفي حالة كهذه يظل العمل بالتوصيات من دون اندفاع كما أنه كان يسير مجموعة من الوزراء وشخصيات تستمد قوتها من خارجه ومع ذلك كان متفانيا ومندفعا ويعمل مع الفلك وينحت في الصخر .
– النجاح الكبير
خرجت موريتانيا قوية أمنيا وسياسيا من هذه الانتخابات، فقد كان الانسجام السياسي قويا حول غزواني واسعا ضم أغلب الطيف الوطني بما في ذلك الشخصيات المؤثرة تاريخيا والتي تملك مرجعية المعارضة ، كما لم يتقدم أي من الشركاء بالطعن، بل بادروا بتهنئة الرئيس المنتصر أو القبول بالنتائج باستثناء مرشحين من أصل سبعة بيرام الداه اعبيد وبابوبكر على التوالي 22,10%و,2,39. وعلى الجانب الآخر كانت الاستراتيجية الأمنية تتمثل في السيطرة على مسافة الاحتكاك واستيعاب التوترات، وقد كانت محاولة تحريض السود ضد البيض، التي هي أساس دعم متطرفي الزنوج لبيرام، والدخول تحت قوة تأثيره، هذه المرة فاشلة فقد كانت تستند لخطة التأجيج عبر الإنترنت ودفع بيرام للمواجهة .
كما كان غزواني مرشحا وطنيا يتمتع بشرعية سياسة واسعة، وكان ذلك بتأثير السلم و الأفكار الاجتماعية التي هي العمود الفقري الأيديولوجي لتفكيره والتي شكلت حراكا حكوميا ، فقد أسهم نهجه في التهدئة إلى جر المعارضة بفاعلية لصفه كرئيس مفيد للبلد ويدعم الاستقرار ويضمن مشاركة الجميع ، كما تحولت شعبية التهميش في التجمعات الفقيرة وهوامش المدن لصالحه بتأثير تآزر وبقية مؤسسات العمل الاجتماعي الواسع الآخر الذي أشعرهم بالانتماء للبلد، وبأن هناك من يفكر فيهم، وبأن لهم نصيبا من ريع البلد ومن خزينة الدولة ، كما تم تعميم التأمين الصحي على المتقاعدين مع زيادة الرواتب وحل مشكلة الحمالة التي ظلت أيضا هاجسا ورافدا قويا للتوتر الاجتماعي كانت الحصيلة تأمين مليون ونصف ومنح الإعاشات ل100 ألف أسرة . وفي خطوة محنكة ومفاجئة، انخرط الشباب في حملته بفاعلية قصوى بعد إعلانه عن خطته الكبيرة عن مأمورية الشباب ،كما قاد حملة انتخابية بارعة اختلط فيها مع المواطنين وتعرفوا عليه عن قرب، فلم يكن رئيسا فوقيا ، بل كان واحدًا منهم، بل أسبقهم في الشعور بنقص في الخدمات والإنجازات والتوعد بالمثابرة في المستقبل . إنه نجح في الواقع بشكل سلسل وبمجهوده على نحو كبير .
إنه اليوم أكثر شرعية من ذي قبل، ويترأس دولة أكثر صلابة وتخطيطا، وهكذا يمكننا الحديث عن
إعداد موريتانيا لمواجهة التحديات في هذه المأمورية المقبلة .
أن أول ما يمكن أن يوصف به غزواني أنه صارم عند الحاجة إلى الحسم، فقد قال ولأول مرة أنه واهم ثم واهم ثم واهم من يعتبر أن صَبره ضعف، كما أنه قوي عند تقديم التنازلات وذلك يتضح في تسيير الملفات الخارجية وملفات الشركاء: شركات الاستخراج، الذهب الغاز ،ومع الجوار، و الاتحاد الأوروبي .. ومع ذلك أيضا نعرف ما الذي قدم للبلد.
فقد غير مسار الأمور نحو الهاوية ورفع تصنيف البلد اقتصاديا وسياسيا وأمنيا فقد قلب الوضع من التوتر نحو الهدوء والسكينة، مما أتاح له العبور الآمن خلال مأموريته، كما أوقف نزيف منح رخص الصيد والبنوك والمعادن الذي كان دولة بين بعضهم ، واستطاع أن يجلب للبلد الهبات الكبيرة بسبب نجاح ملفاته، وراجع على نحو لافت وسريع مديونية الدولة بما في ذلك دين الكويت الذي عجزت جميع الأنظمة عن تسويته مما قوى من مصداقية الدولة الاقتصادية وذمتها المالية وكان تسييره للأزمتين الماحقتين - الأزمة السياسية وجائحة كورونا - مثيرا للدهشة، فقد خرجت الدولة منهما بمؤسسات أقوى وبتوازن اقتصادي ومالي وبوفاض مملوء من المال ، جعلها تمول80% من المشاريع الخدمية والاجتماعية على حساب خزينة الدولة فلأول مرة تملك الدولة احتياطيا يصل إلى 2,3 مليار دولار بما في ذلك عشرة أطنان من الذهب، وتمت مضاعفة الخزينة كل سنة، ووصلت نسبة النمو 6,1% وتم بناء المدارس والجامعات والجسور والمستشفيات، وتم تسليح الجيش، فقد انبهرت الجارة مالي من حجم ومستوى التسليح، وكان ذلك من دون جعجعة، وذلك أحد أسباب عدم رواج هذه الإنجازات في الرأي العام .
– القرارات الرئيسية التي يجب أن تبدأ بها المأمورية .
من المؤكد أن نجاحه في الشوط الأول بفارق خمس نقاط عن انتخابات 2019 التي تم تجييش الدولة لها ،يعد نجاحا شخصيا في ظل اتهام الكثيرين بالتقاعس خاصة من رجال السلطة والحكومة والدولة خلال الحملة ، إن ثقته في تعهداته وحصيلته ستتعزز وستعطيه تصميما إضافيا في تنفيذ برنامجه الانتخابي خاصة محاربة الفساد ومسح ثلثين من الطاولة ، إنه في وضع جد مريح وفي حلٍ من كل الإخفاقات الحكومية وذلك ما سيمكنه من اتخاذ قرارات مؤلمة والتعبير عن ذاتيته : القوة والشرعية .
إن جهود الإصلاح ستكون بتلك الدوافع جوهرية وستغير المنظومة الحاكمة و نمط وأسلوب وقواعد العمل واللجوء لمرجعية مختلفة خاصة المكافأة والجزاء .
إننا ننتظر ظهور غزواني على حقيقته بصمات القائد التي هي العمل والإلهام وهكذا نتطلع لتغيير جوهر السياسات القطاعية من تجارية إلى الأمن الغذائي والتشغيل وفق مقتضيات التعهدات خاصة الصيد والتنمية الحيوانيّة والزراعة ودمجهما في قطاع واحد تحت إسم وزارة الدولة للاكتفاء الذاتي أو على الأقل تغيير التوجهات نحو ذلك فالبلد بحاجة إلى دعم القوة الشرائية وتوفير القوت اليومي للمواطنين في ظروف مواتية تبعا للدخل .إن الوضع الاقتصادي للبلد مربح لدرجة يمكنه أن يحقق فرصة لهذا النوع من السياسات التي تجعل المواطن هدفا رئيسيا في هذه المرحلة .
كما يتعين أن تكون مؤسسة "تمكين "مؤسسة لتوفير فرص الولوج للوظائف وتحسين الأداء والخبرة وتوسيع فرص العمل من خلال تقوية مجالات التكوين والتدريب وخلق مؤسسات شبابية متعددة المهمام والأهداف، تكون لها الأولوية في التعامل مع الدولة في العقود والوظائف .
كما يتعين تحديد حدود ونمط سياسة محاربة الفساد حتى يملك الجميع نفس الفهم لهذه العملية ويعرف حدودها .
إنني على يقين من أن غزواني سيتمكن من إدارة عهدة ناجحة .

 

من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار

استطلاع رأي

اختر مرشحك المفضل في 29 مايو
محمد الشيخ الغزواني
89%
محمد الأمين المرتجي الوافي
0%
حمادي سيدي المختار محمد عبدي
7%
أوتوما انتوان سلیمان سوماري
4%
مامادو بوكار با
0%
العيد محمدن امبارك
0%
برام الداه اعبيد
0%
مجموع الأصوات : 27

ghalleryy