تونسي يتقدّم لـ"البكالوريا" في سن 72 ويحلم بدراسة الحقوق في الجامعة

23. يونيو 2023 - 10:16

يرفض حمادي غويلة، المسنّ التونسي والأب لأربعة أبناء والجدّ لثمانية أحفاد، وتجاوز عمره 72 سنة، الاستسلام للفكرة السائدة عن نهاية حياة الموظف فور تقاعده، فقرّر أن يرسم مساراً مختلفاً لشيخوخته.

كان حمادي قبل بضعة أيام أكبر تلميذ تونسي يجتاز امتحانات البكالوريا (الثانوية العامة) في اختصاص الآداب في معهد حمّام سوسة (وسط تونس).
وهو يروي تفاصيل قصّته لـ"النهار العربي'' قائلاً إنّه كان يفكّر منذ سنوات في العودة إلى الدراسة لكنه استمر يؤجّل هذه الخطوة بسبب مشاغل أسرية، قبل أن يقرّر قبل أشهر التقدّم رسمياً بطلب لوزارة التربية في تونس من أجل السماح له باجتياز الاختبار الوطني الذي يشكّل مفتاح دخول الجامعة في تونس.

مدرّس رياضة
قبل نحو 12 سنة تقاعد السيد حمادي من عمله كأستاذ رياضة بدنية، بعد مسيرة تدريس طويلة امتدت لنحو ثلاثة عقود، درّس فيها أجيالاً عديدة في تونس والسعودية.

تلقّى تعليمه الابتدائي في مدينة قصر هلال في الساحل التونسي، و"كان ذلك في بداية الاستقلال وفي فترة راهنت فيها الدولة التي كانت بصدد النهوض، على التعليم".

انتقل بعدها للدراسة في مدرسة إعداد المعلّمين ثم التحق بالمعهد القومي للرياضة (كلية الرياضة) من دون أن يكون حائزاً على شهادة الثانوية العامّة، ويقول: "كانت الدراسة في المستوى الثانوي حينها كافية لدخول المعاهد العليا، ولم نكن بحاجة لاجتياز الثانوية العامة".

تخرّج حمادي كمدرّس رياضة وبدأ مسيرته كمعّلم، تنقّل فيها بين معاهد تونسية كثيرة.
في سنة 1984 وقع الاختيار عليه من ضمن 4 مدرّبين للذهاب في بعثة إلى المملكة العربية السعودية حيث قضى هناك عشر سنوات في التدريب.

بعد رحلة السعودية التي شهدت ميلاد أبنائه الأربعة عاد حمادي إلى تونس ليواصل عمله مدرّساً، إلى أن أُحيل على التقاعد في سنّ الستين.

يواصل سرد تفاصيل قصّته مؤكّداً أنّ مسيرة التدريس الطويلة صاحبها شغف كبير بالثقافة والفنون. إذ لم يكن الكتاب والقلم يفارقان المربّي الذي تتلمذ على يديه آلاف الطلاّب، والذي كان من أبرز الناشطين في منطقته. يقول: "كنت مولعاً بالسينما وشاركت في تأسيس تجربة نوادي السينما للهواة في مدينة سوسة، كما كنت عضواً في إدارات مهرجانات عديدة".

الرسالة الأسمى
كرّس السيد حمادي حياته لتربية أطفاله وتعليمهم، و"كان نجاحهم هدفي الأول والسبب الذي من أجله أحيا".

استطاع الأب الذي سخّر كل وقته وجهده للعمل، أن يصل بأولاده إلى برّ الأمان، بعدما استكملوا جميعهم دراساتهم الجامعية ثم هاجروا إلى خارج تونس بعدما أنهوا دراساتهم العليا وتوظّفوا في شركات كبرى ثم تزوجوا وأسسوا عائلات.

يقول المربّي التونسي إنّه شعر حينها بأنّه أكمل رسالته على أحسن وجه، وقرّر أن يتفرّغ لتحقيق حلم يراوده منذ سنوات الشباب.

حلم الجامعة
يحلم حمادي أن يدرس الحقوق في الجامعة، وأن يتخصّص بالقانون الرياضي، "بحكم تكويني السابق ودرايتي الكبيرة به أريد ان يكون هذا مجال تخصّصي مستقبلاً إن نجحت في امتحانات البكالوريا".

أسعدَ قرار حمادي استئناف الدراسة كل المحيطين بالشيخ التونسي، بدءاً من عائلته الصغيرة مروراً برفاقه وصولاً إلى تلامذته السابقين، ويقول: "تطوّع الجميع لمساعدتي في التحضير لهذه الاختبارات، البعض منهم كانوا من بين الأصدقاء المتقاعدين والبعض الآخر من بين طلبتي الذين يعملون اليوم في اختصاصات مختلفة، ممن خصّصوا جزءاً من وقتهم لمساعدتي في المراجعة".

بكثير من الثقة اجتاز الطالب المسنّ اختبارات البكالوريا، وسط حفاوة وترحيب كبيرين من الكادر التدريسي في معهد حمام سوسة. ويوضح أنّ "جميعهم رحبّوا بي والتقطوا صوراً معي"، وفي انتظار النتيجة يوم غد الجمعة، يؤكّد أنّه لا يرغب فقط في تحقيق حلمه الشخصي بل يأمل أيضاً بأن تساهم قصّته في كسر الصورة النمطية عن المتقاعد الذي تنتهي حياته فور نهاية فترة خدمته.

استطلاع رأي

كيف تقييم خطاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يوم 24 مارس/2022.

ghalleryy