المركز الموريتاني لقياس الرأي العام (نواكشوط) - فور إعلان ترشح السيد محمد ولد الغزواني للرئاسيات بعث الرجل آمالا كبيرة في نفوس المواطنين، مرجعها رأسمال ثقة كبير اكتسبه بفضل ما يعرفه عنه الناس من أخلاق حميدة وخصال قيادية جيدة.. فبدأ سباق محموم نحوه قل أن شهدت البلاد مثيلا له . وقد بلغت شدته حدا أربك المعارضة فبقي قادتها حائرين، يتساءلون : هل نترشح ضد أحد بهذا الحجم السياسي؟ ففي حالة الجواب ب: "نعم"، ألا يشكل هذا "انتحارا سياسيا" بالنسبة لنا، على حد تعبير النائبة كادياتا مالك ديالو لما حذرت محمد ولد مولود رئيس حزب " اتحاد قوى التقدم" -الذي تنتمي إليه- من الترشح؟ وفي حالة "لا"، فأين المفر؟
المعارضة : صراعات قاتلة.. و نزيف متزايد...
كل الدلائل تشير إلى تقدم ولد الغزواني على منافسيه بشكل لا يترك لهم أدنى بريق من الأمل في النجاح. هذا ما يحس به المرء من خلال الشارع الموريتاني وما يسمعه من أفواه الناس. كما أن ثلاثة استطلاعات للرأي مختلفة المصادر أكدت نفس الشيء قائلة أن تفوقه على خصومه يتجاوز 80%. والمثير للانتباه أن قناة الجزيرة القطرية المعروفة بمعاداتها للنظام الموريتاني وبقربها من الإخوان المسلمين كانت من بين الجهات التي قامت بالاستطلاعات المذكورة.
و قد قدرت أحزابٌ ميزانَ القوى بموضوعية، مثل "عادل" الذي انضم إلى ولد الغزواني معلنا بذلك عن تصدع شديد داخل جبهة العارضة.. ومن المنتظر أن تحذو تشكيلات سياسية أخرى حذوه. بينما ارتأت أحزاب معارضة أخرى تقديم مرشحين.. وأخرى قررت قياداتها الالتحاق بالسيد سيدي محمد ولد بوبكر، رغم كونه من النظام الحالي- بل من جميع الأنظمة التي حكمت موريتانيا منذ عهد معاوية ولد الطايع.
وأيا كان المرشح الذي تختاره القوى السياسية المنافسة لولد الغزواني، فإنه لم ولن يمنعها مع الانقسام على نفسها. بل إن قيادات نافذة وطوائف عريضة منها انشقت والتحقت بمرشح الأكثرية الحاكمة، مثلما وقع في حزب تواصل وفي حزب التكتل التابع للسيد احمد ولد داداه. ويبدو أن النزيف الذي أصاب هذين الحزبين وغيرهما بسبب ولد الغزواني بعيد من أن يتوقف.
الحراك الغزواني يهيمن على المشهد...
لحد الآن فإن السباق حول مرشح الأكثرية الحاكمة هو المسيطر على المشهد السياسي والإعلامي. ويتخذ أشكالا متنوعة يتم الإعلان عنها وتطويرها من خلال تظاهرات أو تجمعات أنشئت على أسس تقليدية : قبلية، جهوية، حزبية... ومنها ما بني على أسس فئوية أو مهنية: شباب، نساء، مهندسون، رجال أعمال... ومن حيث الحيوية الفكرية والعملية، فإن النوع الأخير هو الأكثر بروزا. فبالإضافة إلى النشاطات المكثفة التي يقوم بها الشباب والنساء، فإن تواجدهم ضمن مبادرات، ونوادي، وتجمعات.. وما يجري داخلها من تبادل هو بمثابة قوة اقتراحات تثري النقاش حول التحديات والقضايا الرئيسية المطروحة على البلد.
فن الخياطة وفن الطباخة ضمن الحراك...
استخدام هؤلاء الناشطين المكثف للتقنيات الجديدة للاتصال ولشبكات التواصل الاجتماعي يعطي لعملهم أصداء قوية. ولا يبخل بعضهم في البحث عن وسائط أخرى تحمل رسالتهم إلى المتلقي بشكل ملفت وطريف. ويبدو أنهم يجدون أحيانا في فن الطباخة وفن الخياطة مصدر إلهام لهم.
ونعتقد أن إبداعهم لن يقتصر على تطريز ثوب رجالي تقليدي (دراعه) رسمت عليها بأبرة أو آلة خياطة دعوة صريحة وواضحة للمرشح. وكذلك فإن صناعة كعكة شوكولاته لها نكهة " مبادرة شباب رؤية" تؤشر هي الأخرى إلى أن التجمع الشبابي الذي تحيل إليه الكعكة حاضر بقوة، ليس فقط في الحراك الغزواني، بل في مسيرة البحث عن وسائل التعبير الكفيلة بإبلاغ الرسالة إلى المتلقي بأريحية.
من أجل نفسٍ طويلٍ...
وبما أن هذا الحراك نشأ وتطور بسرعة.. فينبغي أن يكون طويل النفس. وهذا يستدعي التنسيق بين مكوناته والفاعلين الرئيسيين فيه.. كما يقتضي التحلي بالحذر لئلا يتم اختراقه من طرف الخصوم ودعاياتهم السامة ، المعلنة أو المموهة. وبصورة خاصة يجب التحلي باليقظة ورفض كل ما من شأنه التشكيك في المرشح محمد ولد الغزواني- بقصد أو بغير قصد- وفي خياراته، أو محاولة فصله أو إثارة الشقاق بينه مع حلفائه وأصدقائه السياسيين وعلى رأسهم رفيق دربه- الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
تصنيف: