لاحظ بعض المراقبين تحركا داخل بعض نواب الأغلبية على خلفية إنشاء محكمة العدل السامية. وحسب معلومات مسربة فإنه قد تم الإتصال ببعض نواب المعارضة من أجل حشد التأييد لضرورة إنشاء هذه المحكمة التي تهدف إلى محاكمة الرئيس السابق ولد عبد العزيز بتهمة الخيانة العظمى على اعتبار حماس المعارضة لذلك المطلب وأهميته بالنسبة لجماهيرها.
تلك التهمة مرتبطة بجزيرة تيدرة التي عرضها محمد ولد عبد العزيز على أمير قطر، ومع أن الموضوع تمت إثارته في بداية التحقيق وتم السكوت عنه من خلال وقف الإستدعاءات حوله مما جعل البعض يعتبر أن الملف قد أغلق مثل بقية الملفات التي لم تكتمل عناصر الإدانة فيها حسب أوساط دعائية (مثل (ملف هوندونغ، وملف رصيف الحاويات )، إلا أن جزيرة تيدرة، فيما يبدو، ما تزال مهمة داخل الملف القضائي ضد ولد عبد العزيز ، بل قد تكون هي الوسيلة الرئيسية لسجن ولد عبد العزيز أكثر من 15سنة، عكسا لما يرى البعض في أن مسار التحقيق غير واضح من حيث المنعرجات التي يمر بها ومن حيث طول المدة وبطء الإجراءات، واستقبال رئيس الجمهورية لشخصيات من محيط الرئيس السابق الإجتماعي وشخصيات مشمولة بالتحقيق وكأننا نشاهد حلا سياسيا قبل الحسم القانوني، رغم الحديث الباذخ عن استقلالية رطبة للقضاء تحتاج لأن تثبت نفسها وجدارتها للرأي العام الذي يتطلع لمحاكمة قاسية لولد عبد العزيز وبعض معاونيه ومقربيه بعد ظهور حجم الفساد الذي كان عميقا وكانت له تأثيرات نفسية كبيرة خاصة بالنسبة للذين كانوا يدعمون ولد عبد العزيز على أنه مصلح وقائد يحارب الفساد، وبالنسبة للذين تعرضوا للظلم والإطضهاد بإسم محاربة الفساد ومازالوا يقبعون في السجون مع تفاوت تهمهم ،كما جعل البلد أيضا يتراجع على مستويات عدة إقتصادية ونقدية خاصة بالنسبة لقدرة التحمل حيث بلغ الدين الخارجي 5 مليار دولار بعدما تم الشطب عليه فبل سنوات ، كما خضعت مصداقية الدولة لدى المؤسسات النقدية -خاصة المتعاملين بالدولار- لهبوط كبير وقد أوقفت منطقة الدولار أي تعامل معها، بسبب عمليات كبيرة مشتبه فيها بالدولار تم رصدها خلال فترة ولد عبد العزيز ،حيث لم يتم تبريرها وقد ظلت غير مفهومة وغير واضحة وتشي بعمليات تبييض من خلال مؤسسات الدولة وهو أخطر تصنيف وأسوأ صورة يمكن أن تظهر بها الدولة إقتصاديا وسياسيا ونقديا إذ ما تزال الدولة محرومة من التعامل بالدولار بسبب تلك الوضعية. هذا بالإضافة إلى نهب الموارد من خلال شركات غير مسجلة وأخرى معفية من الضرائب أو من خلال منح ثروة البلد لشركات أجنبية تدفع عمولات كبيرة ورشى ،وكذلك القيام بمشاريع كبيرة تكون غطاء لنهب التمويلات والإستثمارات الداخلية، فضلا عن تفليس وحلّ عدة شركات محلية كبيرة وقديمة ومهمة بالنسبة للشعب والدولة تغطية على عمليات فساد مريعة وبتوجيهات عليا، ونهب الوفرة التي حصلت من مضاعفة أسعار الحديد والذهب والنحاس مما وضع إسنيم على حافة الهاوية بعد أربع سنوات من الوفرة غير المسبوقة ووصول سعر الحديد لستة أضعاف بدل من أن تستفيد من وضعها لزيادة إنتاجها ومضاعفة قوتها ووزنها.
إضافة لحرمان رجال الأعمال والمقاولين الصغار من أي تعامل مع الدولة وحصره على المحيط الشخصي لولد عبد العزيز مما زاد نسبة الفقر، وغياب النمو وإضمحلال الطبقة الوسطى في المجتمع.
لقد كانت الحصيلة المرة التي كشف عنها لأول مرة تحقيق رسمي أكبر خيبة تصيب الرأي العام في نظام ولد عبد العزيز وسببا حماسه لدعم الرئيس الحالي خاصة في جهود المحاسبة التي يقوم بها. ويرى البعض أن محاكمة ولد عبد العزيز هي الخيط الوحيد الناظم لأغلبية ولد الغزواني اليوم.